استطاع ادغار موران عالم الاجتماع الفرنسي بذكائه أن يكون واقعياً مع القارئ من دون مواربة في حديثه عن الحاضر، مطلقاً عليه أزمة في كتابه إلى أين يسير العالم. يقول في كتابه تحديداً صفحة 43 «كل شيء في هذا العالم يعيش أزمة، وأن نقول أزمة معناه أن نقول كما رأينا أن ملامح اللايقين تكبر، ففي كل مكان وفي كل شيء يكبر الغموض، معنى هذا أنه إذا استطاع الأنبياء التنبؤ، وإذا استطاع العرافون رؤية المستقبل، فلم يعد بإمكان المُشخّصين تكوين رؤية واضحة ولم يعد بإمكان المتكهنين التكهن، فالحاضر في طور الهلاك وكوكب الأرض يحيا، ويترنح، يتدحرج، ويتجشأ وهو في حالة فواق وحزاق يومي». عمل موران على تفكيك مفهوم الأزمة والبحث في ثناياه وإخراج ما به من دلالات في نتاج صدر له عن دار الساقي حمل عنوان «في مفهوم الأزمة». الكتاب تم تأليفه لأول مرة عام 1967. أن نعود بكلمة (أزمة) لأزمة العصور الوسطى في ذلك الوقت أخذ العلماء يصدقون باطمئنان أيا من الحكايات الشعبية التي يسمعونها ويقومون بتداولها وكأنها بحث علمي لها أساسيات ونتائج تثبت صحته! جيفري تشوسر صاحب كتابات كانتربري استطاع بالأدب أن يصور به العصور الوسطى بشكل وصل بها إلى أن تصنّف من روائع الأدب العالمي، وأن تشد انتباه المخرج الإيطالي بيارباولو بازوليني ليقوم بتحويلها لفيلم سينمائي. هل يُمكن أن نعتاد على مفهوم الأزمة أو نتماهى معها بهذه السهولة!، فيما ترتبط الأزمة اليوم ارتباطاً وثيقاً بواقعنا الصحي وما نعيشه من أثر فايروس اجتاح العالم. استغلال الأزمات لخلق أو صنع منتج إبداعي شيء أعتبره صحياً وكما نعيش اليوم جائحة كوفيد 19 (فايروس كورونا) نتفاعل في الوقت ذاته مع النشاط الثقافي والأعمال الإبداعية التي شكلت وعبرت عن (الأزمة) التي نعايشها، وإن كان هذا النشاط عن بعد، تقول ارنستو أوتوني، مساعد المديرة العامة للثقافة في اليونسكو «في وقت يعيش مليارات البشر التباعد الجسدي عن بعضهم بعضا، قامت الثقافة بجمعهم معاً، محافظة على الصلات بينهم، ومختصرة المسافات التي تفصلهم عن بعضهم، وللثقافة دور في توفير الراحة والإلهام والأمل، في أوقات يملؤها الشعور بالقلق الشديد وعدم اليقين». arwa_almohanna@