اللقاح اقترب.. الغالبية العظمى من سكان الدول التي تتلظى بجحيم كوفيد-19 ليس لديهم شيء يعلقون عليه أملهم سوى ظهور لقاح يستطيع أن يوقف تفشي فايروس كورونا الجديد. غير أن العلماء الغربيين يجمعون على أن اللقاح لن يكون وصفة سحرية تؤدي إلى زوال الجائحة في غمضة عين. ويرون أن على الحكومات أن تبدأ تنوير شعوبها بشأن خططها لتوزيع اللقاح، خصوصاً أن لقاح فايزر- بيونتك الواعد يتطلب شراء وإنشاء مستودعات مجمدة بدرجة حرارة تصل إلى 70 درجة مئوية تحت الصفر. كما أنه حتى في حال توافر اللقاح، وتوزيعه بسلاسة، ستظل الأمم بحاجة إلى إجراءات الإغلاق، والتباعد الجسدي والاجتماعي، للحفاظ على معدلات العدوى الفايروسية تحت السيطرة، فيما تتواصل جهود العلماء الآخرين الرامية لابتكار دواء ناجع يكتب النهاية للوباء. كما أن العلماء يشيرون إلى ضرورة وضع احتمال مهم بعين الاعتبار، فقد لا تنجح جرعة اللقاح في إحداث النتيجة المطلوبة. وسيعني ذلك أنه لا بد للحكومات من أن تكون لديها تدابير بديلة أخرى للتطبيق، ريثما تتوافر حلول شاملة لفعالية اللقاح. ومع أن هناك أكثر من 7 أو 8 لقاحات واعدة، إلا أن ثمة إجماعاً على أن أكثرها فعالية قد لا يكون بمتناول الناس قبيل ربيع العام 2021. مشكلة الإنتاج والتوزيع لا تتمثل المشكلة في فعالية اللقاح وحدها؛ بل هناك مشكلة إنتاجه بكميات كافية، وتوزيعه بطريقة منصفة وعادلة، وبعد ذلك حسم مسألة فعاليته، ومأمونيته. فإذا أخذنا لقاح شركتي فايزر الأمريكية وبيونتك الألمانية -على سبيل المثال- فيجب أن نعلم أن المرحلة الثالثة والأخيرة من تجاربه السريرية بدأت قبل أربعة أشهر فحسب. ولم يتضح حتى الآن طول المدة التي سيوفر فيها مناعة من الإصابة بفايروس كورونا الجديد. وبما أن الطلب على اللقاح عال جداً حالياً، فمن الواضح أنه سيتعين على دول العالم أن تستعين بأكثر من شركة واحدة لتوفير مصل يلبي حاجات مليارات من سكان العالم. ومن أكبر مشكلات لقاح فايزر- بيونتك أنه يتطلب تبريداً في درجة حرارة متدنية البرودة قبل استخدامه. وإذا وصل إلى المراكز الصحية الريفية التي تعتمد على الثلاجات العادية، فهو لن يلبث أكثر من 5 أيام قبل أن يفقد صلاحيته. وتزداد المشكلة تعقيداً جراء الحقيقة المتمثلة في أن لقاح فايزر-بيونتك مصمم على أساس أن يتم تطعيم الناس به من خلال جرعتين، تفصل بينهما نحو ثلاثة أسابيع. وكثير من اللقاحات التي تمر بالمرحلة الأخيرة من تجاربها السريرية مصممة على نظام الجرعتين، باستثناء لقاح شركة جونسون آند جونسون، الذي سيحقق المناعة المطلوبة من جرعة وحيدة. ومهما يكن شأن اللقاح الذي سيفوز بأول ترخيص من السلطات الصحية في أي بلد، فإن مشكلة إنتاج كميات كافية منه ستظل التحدي الأكبر. ويرى الملياردير الألماني من أصل تركي أوغور شاهين، مالك شركة بيونتك الألمانية، أن اللقاح الذي ابتكرته شركته بالتعاون مع فايزر كاف لدحر الجائحة. لكن رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون حذر من أن اللقاح لن يكون حلاً سحرياً، لأن العالم لا يملك أي ضمانات بشأن فعاليته ومأمونيته حتى الآن.