أثارت الورقتان النقديتان اللتان قدمتا عن رواية «يوسف بلا أسباط» للكاتب حسن موسى آل عقيل في الجلسة النقدية التي نظمها فرع جامعة الملك خالد في تهامة عبر (الزوم) بالتعاون مع نادي أبها الأدبي؛ ممثلاً في اللجنة الثقافية في محايل، العديد من الاختلافات بين رؤية الناقد والقارئ، حيث شهدت الجلسة النقدية حضوراً يعدّ الأبرز في فعاليات نادي أبها الأدبي المختلفة، التي قدّم لها الدكتور إبراهيم آل قايد وأدارها باقتدار الدكتور زياد مقدادي بتقديمه عرضاً مختصراً وشاملاً للرواية، فيما تحدث الدكتور صالح السهيمي في ورقته التي عنونها ب«المسكوت عنه في رواية يوسف بلا أسباط» عن الأسئلة الفكرية التي أثارتها الرواية، وأضاف السهيمي أنّ المسكوت عنه من المفاهيم التي تغري المتلقي، وتحفّزه، إلاّ أنّ المشاعر وحدها لا تبني عملاً روائياً جيداً، وأكد أنّ العمل جمع بين العمق والسطحية والاضطراب، لكنه نفى أن تكون فكرة العمل جديدة في بعدها الفكري المكرور في روايات سابقة كانت الكتابة فيه تمثل شجاعة في زمن سابق، إلاّ أنّ هذا العمل من الموضوعات الروائية التي تثير الاهتمام. وتساءل السهيمي في ورقته عن علاقة الشواهد النصوصية التي وردت في الرواية بالفصول داخل الرواية، وهل جاءت من باب الاستعراض الثقافي أم للتوافق مع النص؟! وأضاف أنّ من يعيد التأمل ويبحث عن العلاقة بين الشاهد والفصل، يجد أنّ هناك ارتباطاً بين الدال والمدلول أسهم في انتقاء الشاهد بتلخيص لا يخلو من الاستعراض الثقافي، ونبّه السهيمي إلى أنّ التشكيلات الفنية وما تنتجه من خطاب روائي تتصل بالمسكوت عنه (كما في مقدمة الرواية) أنتجت تعسفاً في بناء الشخصية والحضور الباهت لبعضها كما حدث في شخصية «سعيد»، فيما كان بعضها الآخر متماسكاً ومتنامياً وساهم في الارتقاء بالأحداث كما في شخصيتي طارق وإبراهيم، ووصف السهيمي نهاية الرواية بالباهتة لاعتمادها على تقنية الحلم! أما الورقة النقدية الثانية التي قدمتها الدكتورة هاجر سليمان طه تحت عنوان: «بنية السرد في رواية يوسف بلا أسباط» فقد ركزت على بنية الراوي والرواية، وبنية الحبكة، وبنية الزمان والمكان، وأشارت فيها إلى أنّ الرواية تمضي داخل رواية، اعتمد فيها الكاتب على الخطّ الشهرزادي، إضافة إلى تعدّد مهام الراوي في هذا العمل من راوٍ محايد إلى راوٍ مشارك إلى راوٍ عليم، ولفتت الدكتورة هاجر إلى أنّ الكاتب فشل في الحفاظ على خطي الرواية، وافتقد النص في جزئيات منه توازنه المنطقي، لتداخل الراوي المشارك والراوي العليم، إلاّ أنها أثنت كثيراً على الرواية وبؤر التشويق التي كان القارئ ينتظر تأويلها، إضافة إلى العديد من الدلالات الغامضة التي كانت عنصراً أصيلاً في حبكة العمل، وامتدحت المدخل الذي كان له تأثير كبير في العمل الروائي، واتفقت الدكتورة هاجر مع الدكتور السهيمي في أنّ النهاية أضعفت الرواية وإصابتها لهدفها، وأربكت المتلقي، واستعرضت الدكتورة هاجر العديد من البنى اللغوية التي عانت منها الرواية، إلاّ أنها قالت إنّ الرواية شيقة وممتعة وهادفة وانتظمت في سلك الكتابات ذات الهدف. وفي المداخلات التي بدأها الكاتب يحيى العلكمي باعتراضه على المسكوت عنه في ورقة السهيمي، إذ لم ير أنّ هناك مسكوتا عنه في الرواية، لأننا عشنا ملابسات تلك المرحلة، وهذه من القضايا المكشوفة، ولكن العمل اتخذها ثيمة، وتساءل عن إشكالية المصطلح بين الروائي والراوي التي وردت في ورقة السهيمي، واتفق معه في أنّ العمل لم يخضع لمخطط معماري خارج العمل، وأثنى العلكمي على ورقة الدكتورة هاجر التي تحدثت عن البنى بثراء، لكنها -كما قال- أغفلت مقاربة تقنيات السرد. فيما نادى الدكتور معيض القرني بأهمية الالتفات لإبداعات المحافظات، وأهمية التركيز عليها من قبل اللجان الثقافية والأندية الأدبية، وتساءل عن المسكوت عنه وهل بالضرورة أن يكون مضمراً قبحياً؟! واختلف الدكتور القرني مع من يرى أنّ النهاية (الحلم) أضعفت العمل الروائي، لأنها لم تكن مربكة، كما قال، بل هي حيلة سردية معتبرة كما في روايات كثيرة، وأضاف أنّ الرواية ليست حقيقة، لكنها واقع موازٍ لها. أما الدكتور إبراهيم آل قايد فقد أثنى على الرواية التي وصفها بالجميلة في المجمل، وأشار إلى أنّ الرواية اهتمت بنقد الفكر بصورة كبيرة تحكي صراع تيارات، وأنّ هذا الصراع صُوّر بطريقة مباشرة ومكشوفة، ولفت آل قايد إلى أنّ هناك أخطاء لغوية وأسلوبية كان سببها سرعة إخراج العمل الذي لم يُراجع بشكل جيد، وأضاف أنّ هناك هروباً من المواجهة في العنوان وكذلك نهاية الرواية بالحلم، لأنّ الكاتب كما يبدو لا يريد مواجهة التيار! فيما شكر صاحب الرواية حسن موسى آل عقيل جامعة الملك خالد في تهامة على هذه المبادرة والناقدين على الورقتين النقديتين ومقدّم الأمسية الدكتور زياد، وأثنى على مداخلات بعض المشاركين التي أضافت لعمله قيمة، فيما رد على بعض المداخلات التي حاولت محاكمة العمل دينياً بأنه أخطأ حين قال إن الشيخ يوسف بلا أسباط فقد اكتشف أنّ له في الحياة أحفاداً وأبناء وأسباطاً! وختم المداخلات الدكتور أحمد التيهاني بأن وصف الورقتين النقديتين بالمضيفتين لهذا العمل، وأننا في منطقة عسير نشكو من ضآلة حظ الرواية على المستوى الكمي، وعلى مستوى النقد، وأضاف أنّ هذه الرواية نالت حظها من الدرس النقدي مع وجود روايات أخرى كان حظها قليلاً ونادراً.