بعد ما يقرب من 50 عاماً من الانخراط في الشأن السياسي الداخلي والخارجي، فضلاً عن الغوص في دهاليز وأروقة الكونغرس، وصل المرشح الديمقراطي جو بايدن إلى معقل الرئاسة في البيت الأبيض بعد عملية انتخابية غير مسبوقة كان كسر العظم أبرز ملامحها. ويبدو السؤال المهم بعدما ألقى بايدن خطاب النصر هو: إلى أي مدى ستغير الإدارة الديمقراطية المنتخبة من السياسات الأمريكية الخارجية؟ وكيف سيتعامل الرئيس المنتخب مع الملفات السياسية الحساسة والساخنة؛ مثل العلاقات مع الصين وروسيا وأزمات الشرق الأوسط الممتدة من إيران والعراق إلى سورية واليمن، ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن الملف النووي الإيراني. وكون هناك اختلافات جذرية في سياسات إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب والرئيس الجديد المنتخب جو بايدن ووجود تباينات عميقة حول قضايا استراتيجية عديدة، خصوصاً إذا ما وضعنا في الاعتبار مسار سياسات الحزب الديمقراطي تاريخياً المهادنة والجانحة والبعيدة عن المصادمات ولنا في فترة إدارة الرئيس السابق كلينتون مثال فيما مضت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما في نهج مختلف نوعاً ما عندما تعاملت مع النطام الإيراني بسياسة مغايرة تماماً عن المعطيات الاستراتيجبة للمنطقة ولكنها في نفس الوقت هادنت مع الصين واحتضنت الاتحاد الأوروبي والناتو. لم تكن الحملة التي خاضها بايدن سهلة على الإطلاق وسط جائحة كوفيد 19 الذي هز أمريكا والعالم بشكل غير مسبوق، كما واجه بايدن رئيساً غير تقليدي عرف بصدامه مع الديمقراطيين بيد أنه نجح رغم كل الصعوبات وحقق الانتصار الأكبر في تاريخه السياسي، خصوصاً عندما خاطب الشعب الأمريكي في آخر تصريحاته في ذروة الحملة الانتخابية قائلاً: إن الانتخابات «معركة من أجل استعادة روح أمريكا، وفرصة لوضع الانقسام والفوضى وراء ظهرنا». وبحسب مصادر أمريكية موثوقة، فإن إدارة جو بايدن بدأت في وضع خطة المئة يوم الأولى بعد تنصيبه في العشرين من شهر يناير القادم تتضمن سرعة العودة لاتفاقية باريس للمناخ، وإبطال انسحاب الرئيس ترمب من منظمة الصحة العالمية، وإنهاء حظر السفر المفروض على بعض البلدان، وسيعيد البرنامج الذي يسمح ل«الحالمين»، الذين قدموا إلى الولاياتالمتحدة بشكل غير قانوني كأطفال، بالبقاء في البلاد.