من أعشقها يشاركني في عشقها الملايين من مختلف الأعمار وشتى الفئات، بلونها الجميل، ورائحتها الزكية، وعبقها الذي يملأ المكان إنها من قال فيها الشاعر الشامي: وقهوة كالعنبر السحيق سوداء مثل مقلة المعشوق أتت كمسك فائح فتيق شبهتها في الطعم كالرحيق تدني الصديق من هوى الصديق وتربط الود مع الرفيق إنها القهوة سوداء، بيضاء، عربية، تركية، حلوة أو مرة، أياً كان نوعها أو منشؤها أو طعمها فهي لذيذة. حين لا أشرب القهوة أشعر بالضيق وأنني أفتقد شيئاً كبيراً، وحين ألتقف كأسي وأتجرع ما فيه تملأ قلبي السعادة ويذهب ما فيَّ من ضيق وإحساس بالتعب، ويدب فيَّ النشاط. ولكن الواقع أن هذه الأحاسيس جميعها ليست إلا وهما، فحبنا للقهوة وشغفنا بها جعلنا ننظر إليها كدواء لأوجاعنا، وجالب السعادة لنا، فنحن نعلم أن القهوة كيف لصاحبها والكيف وهم نحن خلقناه وصدقناه. حين أرتشف قهوتي في الصباح أشعر بالدلال فهي مفتاح يومي ففي القهوة سحر، يبطل تعويذات الوحدة، والإرهاق. أليس جميلاً أن شيئا من الترف في تناول فنجان من القهوة يصبح ضرورة يومية تشعرني بأناقة يومي وقد أعجبني كثيراً قول أحدهم: «خُذ كوباً من القهوة، وأدِر ظهرك للعالم واستمتع بعُزلتك». تحية مكللة بالتقدير والاحترام لمن يشاركونني هذا العشق. تقول نعمة الزحيفي: أنامُ مبكّراً في كلِّ ليلٍ وأصحو قبلَ مُنْبَلجِ الصباحِ أحضّرُ قهْوتي السمراءَ فوراً وديكُ الجارِ يبدأُ بالصياحِ ولي في قهوتي عشقٌ قديمٌ يلازمني بظعْني أو رَوَاحي تزيلُ الهمَّ عن قلبٍ سقيمٍ وتشفي الصدرَ من وهْمِ الجراحِ