نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين إيرانيين تصريحات مهمة تستحق التوثيق، والإبراز، والتحليل، وذلك على خلفية الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وإذا ما كانت طهران تفضل التعامل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أو المرشح الديمقراطي جو بايدن. ونقلت الوكالة، عن من وصفته ب«مسؤول متشدد» مقرب من مكتب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قوله: «لماذا ينبغي لنا أن نثق في بايدن؟ إنه مثل أوباما. لا يمكن الوثوق في الديمقراطيين». مضيفا أن ترمب قد يعرض في نهاية المطاف اتفاقا على إيران أفضل من الذي انسحب منه. كما نقلت رويترز عن من وصفته ب«المسؤول الأمني» قوله، إن «كل هذه الأمور يمكن التفاوض عليها وحلها. طهران تريد رفع العقوبات والأمريكيون يريدون التهدئة في الشرق الأوسط. يمكن التوصل لوضع يضمن تحقيق مكاسب للطرفين. عندما توجد الإرادة تتوفر الوسيلة». وأضاف المسؤول الأمني «لكن الأمر سيكون أسهل مع ترمب. فهو رجل أعمال ولا يريد مشكلات في فترة ولايته الثانية»! هذه أوضح تصريحات إيرانية على مشارف الانتخابات الأمريكية، وهي الأهم بعد مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وأمام التردد الأوروبي تجاه طهران. ما تقوله لنا هذه التصريحات بوضوح، هو أن إيران تعترف بأنها حولت منطقة الشرق الأوسط ككل إلى رهينة للتفاوض، من أجل رفع العقوبات مقابل التهدئة بالمنطقة، فبينما تقول إسرائيل، إن السلام مقابل السلام تقول إيران رفع العقوبات مقابل إيقاف التخريب بالمنطقة. والسؤال هنا هو عن أي تهدئة بالمنطقة تتحدث إيران؟ تشكيل الحكومة اللبنانية؟ أم وقف استهداف النشطاء العزل في العراق، ووقف إطلاق صواريخ الكاتيوشا على المنطقة الخضراء ببغداد؟ أم عن وقف استهداف الحوثيين للسعودية؟ وعليه فإن التصريحات الإيرانية هذه ليست تسريبات لإيصال طريقة تفكير طهران إلى واشنطن، وإنما دليل إدانة للسلوك والنهج الإيراني، وإدانة للتساهل الأوروبي مع إيران. والأهم من كل ذلك أنها إدانة لكل من يحالف إيران بالمنطقة، من حزب الله الإرهابي إلى حماس، وحتى قطر. طالما أن إيران تقول علناً إن رفع العقوبات مقابل التهدئة بالمنطقة فإن ذلك اعتراف إيراني باستهداف المنطقة ودولها، وبالتالي فإن كل من يحالف إيران، أو يبرر لها، فهو عدو لنا وعدو لاستقرار المنطقة، وشريك في هدر الدماء الحاصل. وهذا ليس تشدداً، بل هذا واقع الحال لأن إيران لا تخفي تحويلها المنطقة رهينة مقابل تحقيق مكاسب. الأسبوع الماضي وصف وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف عملية السلام السوداني الإسرائيلي بأنها «فدية» لرفع العقوبات عن السودان. والتصريحات الإيرانية أعلاه تقول لنا بوضوح، إن إيران هي من ينتهج نهج «الفدية» هذا، وليس اليوم بل منذ أربعة عقود، لكن الآن المسألة باتت أكثر وضوحاً. كاتب سعودي [email protected]