مع وجود فئة قليلة ممن يسمون «مشاهير السوشال ميديا» مؤثرين إيجابياً في المجتمع يحملون رسالة هادفة ورؤية واضحة لتأسيس أرضية صلبة وعمل قيِّم ومثمر، فإن في المقابل هناك نافذون متحاشدون متجمهرون غير مؤهلين يعتلون تلك المنصات الإلكترونية، أطلقوا عليها «الإعلام الحديث» لتناسب المسمى مع تطلعاتهم في الثراء السريع. لن أتحدث في هذه العجالة عن أصحاب «الإعلام» الحقيقي الهادف كصوت للمواطن إلى أذن الوطن، ومن هو المؤهل لاعتلاء منبره.. هذا موضوع ذو شجون، لعلي أتطرق إليه في وقت آخر، ولكني سأتحدث عن هؤلاء ذوي الإمكانات المتواضعة الهادفين للشهرة والمال. أبدأ من السؤال المطروح بكثرة في المجالس: هل ننعى «الخصوصية» هذه الأيام في وقت يسعى فيه كثيرون للظهور والشهرة في «السوشال ميديا»؟.. هذا الاستفهام يطرح علامات تعجب كثيرة، هؤلاء المستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية يسعون لزيادة متابعيهم للحصول على إعلانات مدفوعة لزيادة أرصدتهم البنكية، وامتيازات مجانية، مثل: تأثيث منازلهم، إقامة حفلاتهم، في مقابل التنازل عن «الكرامة» بعرض خصوصياتهم للعامة المعروضة للبيع بهدف جمع الأموال، فانتقلوا من زمن «ساعدوا على قضاء حوائجكم بالكتمان» إلى زمن «انشروا فضائحكم على الملأ». بهذه الطريقة أصبحت بيوت أولئك مكشوفة لا سقف يسترها ولا جدران تحميها، فلا تفيد الأقفال. ثمة أمثلة كثيرة على أولئك ناشري فضائح منازلهم، ولكني سأتطرق إلى نشر المشكلات بين الزوجين، التي لا تخص المجتمع لا من بعيد ولا من قريب، هذه المشكلات يتداولها أولئك عبر مواقع التواصل الاجتماعي أمام الجمهور، والأدهى أنهما يوثقان تلك اللحظات الخادشة للحياء التي من غير المناسب إعلانها، هل هدفوا لاستفزاز بقية من المحافظين على خصوصياتهم؟.. ذلك يحتاج إلى دراسات معمقة من علماء الاجتماع. ولكن المؤسف أن بين مؤيد ومعارض ينشأ جيل يعتمد على منهج «خالف تعرف»، ويعتقد أن الترويج للخصوصية وعرض يومياته في تلك المواقع بلا هدف هو من «الإعلام»، وهناك داعمون جاهزون لأي توافه جديدة يروجها أولئك، بغض النظر عن انعدام الفكرة وسلامة المحتوى.