شهد العالم خلال الأشهر الثلاثة الماضية حالات تعافٍ سواء على المستوى الصحي من خلال انخفاض معدل الإصابات، أو تعافٍ اقتصادي من خلال انتعاش الأسواق العالمية بكل أنواعها. حالات الإغلاق والحظر التي تقوم بها اليوم بعض الدول الأوروبية كأنها تنذر بقدوم موجة أخرى قد بدأت بوادرها تلوح في الأفق، على الرغم من أنه من السابق لأوانه الحكم على ما إذا كانت الموجة الثانية على وشك الحدوث أو أن ما يحدث هو امتداد للموجة الأولى. العالم اليوم يعيش حالة من التردد، فهو مخير بين أمرين أحلاهما مر، إما المغامرة باستمرار فتح الاقتصاد واكتساب مزيد من التعافي الاقتصادي، مع احتمال عودة موجة ثانية قد تنسف كل المكتسبات الاقتصادية التي حدثت خلال الربع الثالث من هذا العام، أو العودة للإغلاق للتحوط من حدوث موجة أخرى، من شأنها أن تحدث ربكة اقتصادية قد تستمر آثارها لفترة أطول. الجزء الأصعب اقتصادياً في ظل هذه التوقعات، هو وجود نقطة عمياء: من حيث ارتباط النظام الاقتصادي العالمي بفايروس لا يمكن التنبؤ به، لذلك على العالم أن يكون أكثر استعداداً، وأن يقدم خططاً مدروسة قادرة على احتواء أي موجة أخرى؛ لان السبب الرئيسي في تفشي هذه الجائحة في بدايتها هو استهتار كثير من الدول بهذا الفايروس، ظناً منهم أنه عبارة عن إنفلونزا عادية، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الصحية والاقتصادية العالمية. لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن نرمي الأحداث التاريخية خلفنا، لذلك يجب على دول العالم تذكر جائحة الإنفلونزا الإسبانية، التي قتلت ما يقدر بنحو 20-50 مليون فرد، كانت أكثر فتكاً بعد ظهور موجة ثانية من جديد في خريف عام 1919، لأن تفشي موجة أخرى يعني اقتصادياً فقدان الثقة لدى المستثمرين وانعدام الشهية في الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، الذي بدوره سيؤدي إلى إحداث ندوب دائمة في النظام الاقتصادي العالمي على وجه العموم والنظام المالي العالمي على وجه الخصوص. كاتب سعودي Alhazmi_A@