استغل منحرفون، ومرضى عالم الفضاء الإلكتروني الفسيح لاستدراج الصغار والأحداث والتحرش بهم واستغلالهم جنسيا وسط مطالبات من مختصين بفرض الأنظمة على منصات التواصل وألعاب ال«أون لاين» التي تعد منصة خفية للتحرش. وكانت وسائل إعلام غربية كشفت عن ضبط مئات الأشخاص في أعقاب تحقيقات بشأن ما وُصف ب«أكبر شبكة مظلمة» تروِّج للاستغلال الجنسي للأطفال، عبر موقع إلكتروني جمع أكثر من 200 ألف مقطع فيديو يعرض أفعالا جنسية تُرتكب في حقّ القصّر والأطفال. وأسقطت السلطات الأمنية في تلك الدول نحو 300 شخص من 38 دولة في إحدى أكبر شبكات الإنترنت التي تروج للمواد الإباحية الموجهة للأطفال. وكشف مسؤولون أمريكيون عن 9 اتهامات وُجهّت ضد صاحب الموقع يونغ وو سون (23 عاما) من كوريا الجنوبية الذي يقبع حاليا في السجن، فيما أعلنت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا أنه قد ألقي القبض على متهمين في عدة دول. باحث أمني: حذارِ من ثغرة «أون لاين» أكد الباحث الأمني والخبير في الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية محمد السريعي، أن استدراج الأطفال باستخدام منصات التواصل والتطبيقات الإلكترونية التي تضم ألعاب أونلاين تعد هدفا للمتحرشين على الرغم من الجهود الكبيرة التي تنفذها الجهات المختصة في هذا المجال، إلا أن انشغال الوالدين عن أطفالهم ووجود منصات وألعاب تمنح الحرية للمشاركين دون رقابة تعد ثغرة يتم استغلالها. وأضاف السريعي: من خلال عملنا في الأمن السيبراني اتضح وجود ممارسات لا أخلاقية يعمد إليها متحرشون لاستغلال الأطفال، وسهلت لهم الألعاب ومنصات التواصل تلك الأفعال، بعدما تضاءلت الحدود الجغرافية والجدران أمام مُرتكبي جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت فنشاهد البث المباشر لهم من طلب أفعال لا أخلاقية كالتعري مثلا وبالتالي إنتاج مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال التي يجرمها القانون. وشدد الباحث السريعي على أن مستغلي الأطفال يعمدون إلى اكتساب ثقة الطفل وهو الدور الذي من المفترض أن تحرص الأسرة عليه لمنع سقوط أطفالهم في وحل الاستغلال والتحرش. الإغراء بالشهرة لاستدراج الأطفال يؤكد الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر داخل الجعيد أن السعودية تولي حماية الطفل من مختلف أنواع الإيذاء والإهمال والتمييز والاستغلال أهمية كبرى، كما تشدد على توفير بيئة آمنة وسليمة له تمكنه من تنمية مهاراته وقدراته وحمايته نفسياً وبدنياً، وأقرت لذلك عده أنظمة من أبرزها نظام حماية الطفل. وشدد على أن المبادرة الدولية التي أطلقها ولي العهد لحماية الأطفال في الفضاء السيبراني تتمحور حول تطوير أفضل الممارسات والسياسات والبرامج لحماية الأطفال في العالم السيبراني. وأضاف الجعيد أن المبادرة دلالة قوية على الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة بهذا الشأن لمواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة التي تستهدف الأطفال أثناء استخدامهم شبكة الإنترنت وتعريضهم لجرائم سيبرانية متنوعة بعيداً عن أعين أسرهم. وشدد الجعيد على ضرورة أن تلاحظ كل أسرة التغييرات التي قد تطرأ على الطفل في حالة شهد أو تعرض لتحرش جنسي عبر توفير جو من المصارحة والحوار مع الأطفال وعدم نهرهم وتحقيق توازن بين الحرية والمسؤولية والثقة ليصارح أسرته بما قد يتعرض له. وبين أن مراقبة ومحاورة الطفل تحميه من مخاطر الاستغلال الإلكتروني، والتي تكون عادة بعيدة عن أعين الوالدين وبالتالي تشكل فضاء رحبا للمتحرشين، وقد تنبهت الحكومات لمثل هذه الحالات وشرعت في منع محاولات استغلال الأطفال جنسيا عبر البرامج الحديثة وتطبيقات التواصل. وأظهرت دراسة أجرتها منظمة بريطانية معنية بحماية الأطفال في بريطانيا أن موقع إنستقرام هو أكثر التطبيقات المستخدمة على الإنترنت لاستدراج الأطفال واستغلالهم جنسيا، فيما أظهر الواقع تأثر العديد من الأطفال ببرامج التيك توك التي تجعله يقدم ما لا يرغبه بحجة الشهرة. وكشف الجعيد عن أساليب استغلال الأطفال ومنها الابتزاز بنشر معلوماته الخاصة والسرية من خلال تهديده بنشرها، والاستدراج عن طريق التواصل والمحادثات المستمرة مع الطفل لفترة من الزمن لكسب ثقته وبالتالي عدم ممانعته في الاستجابة لطلبات المتحرش، وتكون عادة عبر مشاركته الألعاب الإلكترونية وتحقيق الفوز له أو منحه بعض المميزات الإلكترونية مثل بطاقات وخصائص وبالتالي يصبح الطفل كالعجينة في يد المتحرش، مع ضعف رقابة الوالدين لاستخدام الأبناء للألعاب و برامج التواصل الاجتماعي. العقوبة القصوى للمعتدين على أصحاب الهمم تؤكد المحامية رندة عارف أنه إذا تم التحرش بذوي الاحتياجات الخاصة أو طفل أو كان للجاني سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه أو وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية أو كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد أو تم التحرش بشخص نائم أو فاقد للوعي أو استغل الجاني وجود أزمات أو كوارث أو حوادث وقام بجريمة التحرش فإن عقوبة المتحرش تكون في حدها الأعلى، كما يعاقب النظام على الشروع والتحريض أو المساعدة أو المشاركة في جريمة التحرش بنفس العقوبة الأصلية. وأوضحت أن للنيابة العامة وغيرها من الجهات المختصة الحق في معاقبة مرتكب الجريمة، حفاظا على المصلحة العامة، ويعد الإبلاغ عن هذه الجرائم واجبا إلزاميا على كل من يعلم عن وقوع الجريمة أو اطلع عليها، ويجب أن يعلم الجميع أن التنازل عن الشكوى والحق الخاص لن يحول عن استكمال الإجراءات وإيقاع العقوبات على المتحرشين. 3 أنظمة تعاقب متحرشي المنصات أكدت المحامية والمستشارة القانونية رندة عارف أن التحرش بالأطفال عبر منصات التواصل الاجتماعي تشمله عده أنظمة فهو يدخل ضمن الجرائم المعلوماتية ومخالفة نظام حماية الطفل والتحرش ولكل منها نظام ومواد. وبيّنت أن أي رسائل أو صور أو مقاطع مرئية تنطوي على مدلول جنسي تجاه شخص آخر تمس عرضه أو تخدش حياءه باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة تقنية في هذا الشأن، تُعد جريمة تحرش. وشددت على أن مُرتكِب تلك الجريمة يعاقب بالسجن مدة تصل إلى سنتين وغرامة مالية تصل إلى 100 ألف ريال، أو بإحدى العقوبتين. وأضافت أن المادة الثالثة لأنظمة مكافحة جرائم المعلوماتية تنص على عقوبة السجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل شخص يمس الحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا، أو ما في حكمها، إضافة إلى التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة. وتابعت أن نظام حماية الطفل في مادتيه الأولى والتاسعة تطرق إلى تعريف الإساءة الجنسية وهي تعرض الطفل لأي نوعٍ من الاعتداء أو الأذى أو الاستغلال الجنسي، كما أشار في المادة الثانية عشرة إلى حظر إنتاج ونشر وعرض وتداول وحيازة أي مصنف مطبوع أو مرئي أو مسموع موجه للطفل يخاطب غريزته أو يثيرها بما يزين له سلوكا مخالفا لأحكام الشريعة الإسلامية أو النظام العام أو الآداب العامة، أو يكون من شأنه تشجيعه على الانحراف. وأوضحت أن جريمة التحرش هي كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي من شخص تجاه آخر يمسه في جسده أو عرضه أو خدش حيائه بأي وسيلة حيث يمكن أن ترتكب الجريمة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وشددت على أن نظام مكافحة التحرش يهدف إلى حماية خصوصية الإنسان وكرامته وحريته الشخصية التي حفظها الشرع والقوانين والأنظمة، مضيفة: يمنع النظام الإفصاح عن هوية المجني عليه خلال مراحل التحقيق والمحاكمات، ويكفل الحفاظ على سرية وخصوصية المعلومات الخاصة بالمجني عليه وبالتالي لا يجوز تداول قضايا التحرش إعلاميا أو عبر التواصل الاجتماعي.