اتفقنا أن الفقر ليس عيبا، وأن العمل أفضل وأشرف من مد يد الحاجة بالتسول، لكننا لم نطبق بعد الظروف المناسبة التي يحتاجها الإنسان في بيئة العمل، ليعمل على أكمل وجه. لم تخرج المرأة للعمل فقط لأنها شريكة في التنمية، أو بداعي تقضية الوقت بما يفيد فقط، ولا للبحث عن الاستقلال المادي وبناء الذات، بل خرجت وتركت أطفالها للحاجتها المادية، فعملت في وظائف بسيطة لتعول أسرتها، وتسد ما تحتاجه وما يغطي نفقاتها كبائعة أو «كاشير» فأقل ما تحتاج إليه بعد عمل متواصل متعب لمدة أربع أو خمس ساعات، أن تجد مكانا مناسبا وقت الاستراحة أو الصلاة، تذهب إحداهن للمسجد لأن محل الأواني المنزلية الذي تعمل فيه لا توجد به غرفة ولا دورة مياه. والسوبرماركت الذي تعمل فيه أخرى لا يهتم بإنشاء غرفة صالحة إنسانيا لراحة الموظفة، بل كل ما يفعله صاحب المنشأة يقتطع حيزا ويصنع منه غرفة بمثابة قبر، بلا كراسي أو حتى بساط، ودورة المياه فيها لو رأتها قطة لانصرفت عنها! وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تراقب في القطاع الخاص العمالة والمنشآت وطرق عملها وفق الأنظمة، وإجراءاتها الاحترازية وسبل السلامة والأمن، ولا تأتي على ذكر هذه الغرفة ولا تبحث عنها، فكيف لها أن لا تولي أدنى اهتمام للبيئة التي تعمل فيها المرأة التي من ضمنها المكان المخصص للراحة؟! الحاجة الماسة للعمل ليست مبررا لتحمّل ظروف غير إنسانية غفلت عنها الوزارة. ثم إن صاحب المنشأة يستفيد من تطبيق السعودة وتعود عليه بالكثير من الفوائد فأقل واجب عليه القيام به توفير مكان معقول ونظيف للموظفة، فليس كل الموظفات يمتلكن سيارة للذهاب إلى مقهى مجاور لشرب القهوة قبل العودة لاستئناف العمل. كاتبة سعودية N_alsalmi@