دائما ما يقال إعلامياً إنه من الصعب معرفة مواقف المملكة من جملة قضايا سياسية، وعليه تجد من يروجون الشائعات، أو يحاولون التشكيك، إلا أننا الآن أمام موقف سعودي مختلف، وشديد الوضوح. وتجلى ذلك في خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حين خاطب العالم شارحاً سياسات المملكة خلال كلمة السعودية التي ألقاها الملك بالجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، عبر الاتصال المرئي. حيث فصل الملك مواقف السعودية من القضايا المحلية، الاستراتيجية، والإقليمية، والدولية، معلناً أن خيار المملكة الاستراتيجي هو السلام، ومذكراً بالمبادرات السعودية للسلام، ومنذ عام 1981، وحتى المبادرة العربية الأخيرة، وهي مبادرة قدمتها السعودية بالأساس. وحدد الملك الموقف السعودي من إيران، وبتفاصيل دقيقة، قائلا: «لقد مدت المملكة أياديها للسلام مع إيران وتعاملت معها خلال العقود الماضية بإيجابية وانفتاح، واستقبلت رؤساءها عدة مرات لبحث السبل الكفيلة لبناء علاقات حسن الجوار والاحترام المتبادل». مضيفا أن السعودية «رحبت بالجهود الدولية لمعالجة برنامج إيران النووي، ولكن مرة بعد أخرى رأى العالم أجمع استغلال النظام الإيراني لهذه الجهود في زيادة نشاطه التوسعي، وبناء شبكاته الإرهابية، واستخدام الإرهاب» مهدراً مقدرات وثروات الإيرانيين «لتحقيق مشاريع توسعية لم ينتج عنها إلا الفوضى والتطرف والطائفية». ونبه الملك العالم بوضوح قائلا: «علمتنا التجارب مع النظام الإيراني أن الحلول الجزئية ومحاولات الاسترضاء لم توقف تهديداته للأمن والسلم الدوليين» مطالباً ب«حل شامل، وموقف دولي حازم» يضمن معالجة جذرية لسعي طهران النووي، ووقف تدخلاتها بدول المنطقة، ورعايتها للإرهاب. كما أعلن الملك وقوف السعودية مع الشعب اللبناني، وضرورة تجريد حزب الله الإرهابي من سلاحه، وأعلن تأييد الحل السلمي بسوريا، وضرورة خروج المليشيات والمرتزقة منها، والحفاظ على وحدتها. ودعم التفاوض الليبي، وحرص على وحدة الصف هناك، مديناً التدخلات الأجنبية بليبيا. وجدد الملك الحرص على وحدة اليمن، والوقوف معه حتى يستعيد سيادته واستقلاله من الهيمنة الإيرانية، واستمرار تقديم الدعم الإنساني، ودعم جهود المبعوث الأممي. وسعودياً، قال الملك، وهذه وثيقة للداخل والخارج: «عانت منطقتنا عقوداً طويلة من محاولة قوى التطرف والفوضى فرض سياساتها وتوجهاتها لإعادة صياغة حاضر دول المنطقة ومستقبلها، غير مكترثة لتطلعات شعوبها من نمو وازدهار وسلام، وقد اخترنا في المملكة طريقاً للمستقبل من خلال رؤية المملكة 2030، التي نطمح من خلالها أن يكون اقتصادنا رائداً ومجتمعنا متفاعلاً مع محيطه، مساهماً بفاعلية في نهضة البشرية وحضارتها». وهذا دعم مجدد، ومباركة راسخة، لرؤية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رأس حربة التغيير. ولذلك هو خطاب تاريخي، وسيقرأ مطولاً، لأنه خطاب الشفافية والوضوح السعودي. [email protected]