«متناقضون متهالكون ومتاجرون» هكذا يصف الفلسطينيون الشرفاء، بعض قادة الفصائل الفلسطينية الذين ظلوا طوال العقود الماضية يتبنون المواقف ونقيضها، حسب أهوائهم ومصالحهم الشخصية، حتى لو كانت تلك المواقف على حساب القضية الفلسطينية. ويبدو واضحا أن بعض الفصائل الفلسطينية الذين يسترزقون من القضية، يرغبون في رفع سقف أسعار المتاجرة بالقضية، فيما يقف الشرفاء من الفلسطينيين كالجبال ضد هؤلاء المتاجرين الذين يتحدثون في العلن وكأنهم مع القضية الفلسطينية، فيما يطعنونها من الخلف. وعندما طالب الأمين العام لمجلس التعاون نايف العجرف، بعض قادة الفصائل الفلسطينية التي شاركت في اجتماع للسلطة، بالاعتذار لإساءاتهم لدول الخليج، فإنه أرسل رسالة واضحة لهؤلاء بالكف عن المتاجرة، مستنكرا ما صدر من بعض المشاركين في اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، من لغة التحريض والتهديد غير المسؤولة، تجاه دول مجلس التعاون، وعلى رأسهم محمود عباس، والتجاوزات والتصريحات الاستفزازية والمغلوطة، مذكرا إياهم بالقمم الخليجية وتمسكها بالمبادرة العربية للسلام. ويبدو أن بعض قادة الفصائل تناسوا أن المملكة هي الدولة العربية الوحيدة التي رمت بثقلها في تحقيق إنجاز يُجمع عليه الفلسطينيون، وهي المبادرة العربية التي وحدت الموقفين العربي والفلسطيني. وللتذكير أيضاً، لا ينبغي على الفلسطينيين أن ينسوا إطلاق الملك سلمان تسمية القمة العربية التي عُقدت بالظهران «قمة القدس»، حين كان يرأس اجتماعها، وجاء تبنيه للقدس عاصمة للدولة الفلسطينية امتداداً لمواقف المملكة في مساندة القضية الفلسطينية، رغم تعقيدات القضية، وانحياز العالم إلى إسرائيل، وتنكرهم للحقوق الفلسطينية، وتجاهلهم كل قرارات الشرعية الدولية. وبالنسبة لتطبيع الإمارات علاقاتها مع إسرائيل فهو شأن إماراتي خاص بها، والمهم الآن أن يوحِّد الفلسطينيون موقفهم، ويتركوا الخلافات فيما بينهم جانباً، ويتجنبوا الانقسام الذي مزَّق حلم إقامة الدولة، وقد يجعل مستقبل هذا الشعب في مهب الريح، وأن يستفيدوا من الدروس والتجارب المريرة التي أوصلت القضية الفلسطينية إلى هذا المستوى من الهزائم والتراجع والخوف، والحذر كل الحذر أن يتجاوبوا مع الأصوات المبحوحة التي تتاجر بالقضية، من خلال الإساءة إلى دول الخليج المساندة للفلسطينيين، وخاصة من تركيا وإيران وقطر التي أدخلت قضية فلسطين في غياهب الجب.