حدة تنافس الأندية وتطورها يحتم عليها في كل موسم تغييرات في الطواقم التدريبية وقائمة لاعبيها في سوق كرة القدم، اتجاهات مسيري الأندية إداريا وفنيا لاتباع بروتوكولات معينة لإتمام التعاقدات أمر يثير الدهشة. - احتاج السير أليكس فيرغسون مدرب مانشستر يونايتد مساعدا له في جهازه الفني، ووضع الكثير من الخصائص التي يريدها في مساعده القادم، كانت أبرز متطلبات السير بأن يكون مساعده من دول جنوب أوروبا، ويستطيع التحدث بلغتين أو لثلاث بطلاقة ولديه خبرة تدريبية. فوقع الاختيار على البرتغالي كارلوس كيروش بعد توصية من المدرب الإسكتلندي «آندي روكسبرغ». استطاع كيروش إبهار أليكس فيرغسون بعد الاجتماع الأول، وقال السير عن هذا الاجتماع في مذكراته عندما أتى كارلوس إلى إنجلترا في 2002 للحديث معنا، كان يرتدي بدلة مرتبة وكان حديثه لبقا، ومن الوهلة الأولى أعجبت بشخصيته، بل إنني وافقت على إعطائه الوظيفة في نفس الوقت، لقد كان يملك شخصية مدرب باستطاعته تحمل مسؤولية أشياء ليست من مهامه. لاعب منتخب إيطاليا وإنتر ميلان الإيطالي السابق غابريلي أوريالي الذي تسلم الإدارة الرياضية في نادي إنتر ميلان في عهد الرئيس السابق ماسيمو موراتي كان ينتهج نهجا رائعا في عقد صفقات فريقه، لقد كان يأخذ مواصفات اللاعبين الذين يريدهم المدرب دون أخذ الأسماء، في موسم 2009-2010 مثلا أراد المدرب البرتغالي خوزيه مورينهو مدافعا بمواصفات البرتغالي ريكاردو كارفاليو، ولاعب متوسط ميدان بمواصفات البرتغالي ديكو اللذين دربهما مورينهو عندما كان مدربا لبورتو البرتغالي، فجلب أوريالي المدافع البرازيلي لوسيو، ولاعب الوسط ويسلي شنايدر كصفقات حرة، حيث إنهما يتسمّان بصفات تتشابه مع من طلبهم مورينهو، استغل أوريالي جودتهما الفنية وانتهاء عقودهما، وحققا مع النادي الخماسية التاريخية واعتبروهما النقاد الموسم الأكثر نجاحا بتاريخ النيراتزوري. - سيفين ميلسنتات المدير الرياضي السابق لنادي بروسيا دورتموند الألماني الذي تدرج في النادي الأصفر والأسود من منصب كشاف مواهب في 2006 مرورًا لتسلمه منصب رئيس كشافي المواهب في 2009 وانتهاء برئاسته للإدارة الرياضية في 2017، هو أحد النماذج الرائعة في كيفية إدارته لملف التعاقدات وجلبه للمواهب الشابة التي لاتكلف النادي ماليا ومن ثم بيعهم بمبالغ كبيرة. - ولنا بقصة جلب اللاعب الياباني شينجي كاغاوا مثالا رائعا لسياسة ميلسنتات التعاقدية، الذي قال إن صفقة كاغاوا هي السبب الأول في ثقة مسيري النادي بي، حيث جلبته من سيريزو الياباني الذي ينشط في دوري الدرجة الثانية باليابان، وسافرت إلى اليابان ست مرات من أجل مشاهدة اللاعب عن قرب وتسجيل مقاطع فيديو لدراسة اللاعب وتحليله ذهنيا وفنيا قبل عملية الشراء. ساهم كاغاوا بحصد البطولات مع بروسيا دوتموند، اثنتان منها ببطولتي دوري بموسم 2010-2011 و2011-2012، وتم بيعه بعد ذلك لنادي مانشستر يونايتد الإنجليزي مقابل مبلغ مجزٍ. - ففي عام 2010 ساهم ميلسنتات بجلب المهاجم الشاب آنذاك روبيرت ليفاندوفسكي الذي أصبح تاليا من أفضل مهاجمي العالم، وتعاقد مع اللاعبين الشبان أمثال أيريك أوباميانغ وعثمان ديمبيلي وماتياس هوملز وحولهم لنجوم متلألأة في سماء كرة القدم الأوروبية، فلقّب سيفين ميلسنتات بصاحب «العين الألماسية». - أستذكر صفقة نادي ليفربول الإنجليزي مع اللاعب الحاجي ضيوف في صيف 2002 كمثال على صفقة غير ناجحة رغم تألق اللاعب في كأس العالم بذات العام، لقد اعتمد نادي شمال إنجلترا على مستواه الفني وأرقامه مع منتخب بلاده وناديه لانس الفرنسي، واتضح بأن اللاعب السنغالي لم تكن شخصيته متلائمة مع تقاليد النادي، ووجد صعوبة في الالتزام بالانضباط، ولم يكن فنيا مناسبا للعب بالدوري الإنجليزي. - في كرة القدم تستخدم اللغة التحليلية التي تدرس الحالة الفنية والذهنية للمدربين واللاعبين في معايير الأفضلية، وتطرح سؤالًا: هل هذا اللاعب يناسب تقاليدالنادي أم لا؟ لأن لغة الأرقام تعتبر لغة وهمية متحيّزة في حالات كثيرة.