يترقب الآباء والأمهات ومعهم الأبناء طلاب وطالبات التعليم العام قرار وزارة التعليم المرتقب بشأن آلية انطلاق العام الدراسي الجديد في هذا العام الاستثنائي بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد وسط صمت كبير من قبل المسؤولين في الوزارة. تساؤلات أولياء الأمور تبدو قلقة ومرتبكة لكنها منطقية وضرورية إلى حد كبير. والحقيقة أن وزارة التعليم في حيرة كبيرة أمام هواجس تلك الجائحة، وكيف لها أن تغامر بعودة أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة في ظل وجود نسبة كبيرة من المباني المستأجرة لا تتوافر فيها المواصفات المأمولة كما في المبنى المدرسي الحكومي. وتجد الوزارة نفسها في مواجهة خاصة مع نفسها لتقييم تجربة منظومة التعليم عن بُعد والتحديات الكبيرة التي واجهتها على عكس تجربة الجامعات السعودية الناجحة في التعليم عن بُعد. فالمنظومة في مؤسسات التعليم العام واجهت مشكلات تقنية في البداية، وكذلك واجهت صعوبات متعلقة في الطالب والطالبة المستهدفين في العملية التعليمية عن بُعد، فأبناء وبنات القرى النائية الكثير منهم لا يمتلكون خدمة الإنترنت أصلاً، وإذا توفرت فهي تعاني من الضعف في تلك القرى والهجر مما يفوت على آلاف الطلاب والطالبات فرصة الانضمام للمنظومة وبالتالي اتساع الفجوة وزيادة الفاقد التعليمي. والكثير من الطلاب أيضاً لا يمتلكون أجهزة حاسب آلي، ولم يكن لديهم الاستعداد لذلك، ولم تكن بعض الأسر جادة في تلبية متطلبات احتياجات دخول الطالب للمنظومة. وكان وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ قد ذكر في تصريح منشور أن التعليم الإلكتروني وتقنياته سيكون خياراً مستقبلياً، وليس مجرد بديل للحالات الاستثنائية، داعياً إلى ضرورة توثيق التجربة الحالية في المملكة خلال فترة أزمة كورونا. وقبل أكثر من ثلاثة أشهر تقريباً قرأت تصريحاً لمدير عام المركز الوطني للتعليم الإلكتروني الدكتور عبدالله الوليدي أعلن فيه عن دراسة تشتمل على حصر (جميع التحديات التي واجهت العملية التعليمية عن بُعد، وكيفية التعامل معها، وفرص التطوير المستقبلية، ومقارنتها بالتجارب العالمية، واستطلاع آراء المستفيدين، وقياس الآثار المتعلقة بالكفاءة والفاعلية، ومستوى الرضا الناتج عن تطبيق التعليم عن بُعد). ونحن في انتظار نتائج تلك الدراسة ليستفيد منها ذوو الاختصاص في مؤسسات التعليم العام. صحيح أن المسؤولية في هذا الصدد لا تقع على وزارة التعليم وحدها في تحقيق نجاح تجربة التعليم عن بُعد؛ فثمة أطراف وجهات أخرى تشترك معها في المسؤولية. أقول إن خيار التعليم عن بُعد خلال الفصل الدراسي الأول من العام الجديد يبدو إجراء احترازياً، وتأجيل قرار العودة للفصول الدراسية يبدو أيضاً إجراء ضرورياً ومطلباً منطقياً حرصاً على سلامة فلذات الأكباد. كاتب سعودي ALOKEMEabdualrh @