تمت مناسك الحج الذي ينتهي غدا (الإثنين)، بدرجة عالية من النجاح، وسط حالة ترقب من الخارج وتحوط واحتراز من الداخل بشأن مدى الالتزام بالضوابط والاشتراطات الصحية التي وضعتها المملكة عقب قرارها السماح بتنظيم الحج بأعداد قليلة من السعوديين والمقيمين. الوضع الذي واجهته المملكة بشأن كيفية تنظيم الحج في ظل تفشي جائحة كورونا كان هو الأول من نوعه، بيد أن المملكة لديها في الوقت نفسه تجارب تراكمية حول إدارة الحشود بالملايين والتعامل الصحي وفق الإجراءات البروتوكولية العالمية في مواسم الحج. وعندما تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في الكلمة التي وجهها للشعب السعودي وحجاج بيت الله أمس الأول، بأن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النفس الإنسانية، وحمايتها من الضرر، وتجنيبها الخطر، مع التفشي الواسع لوباء كورونا، فإنه جسّد رسالة الإسلام التي تعطي الأولوية للحفاظ على الإنسان. ولهذا اقتصر حج هذا العام على عدد محدود جدا من جنسيات متعددة، وكان الهدف هو إقامة الشعيرة. ورغم صعوبة الظروف، إلا أن المملكة نجحت بامتياز وبشكل أبهر العالم وفق أقصى معدلات التحرز والتحوط، إذ وضعت بروتوكولات صحية دقيقة شملت كثيرا من الإجراءات الصحية. وفي ظل استمرار الجائحة وعدم وجود لقاح للوباء، تحملت المملكة مسؤولية إنسانية وإسلامية، كون حفظ النفس هو أحدى الضرورات ال5 التي جاءت بها مقاصد الشريعة، الأمر الذي دعا المملكة لاتخاذ قرارات صارمة تستند إلى المعطيات الصحية والقواعد الفقهية. وسعيا لتحقيق التوافق بين الحفاظ على النفس البشرية وإقامة الشعائر، حرصت المملكة على أن لا تلغي هذه الفريضة، محققة في قرارها توازنا بين عدم الإلغاء والأداء مع وضع الضوابط الدقيقة التي تضمن أداء الفريضة دون أن يترتب عليه تفاقم الأوضاع الصحية لحجاج بيت الله. لقد أبهرت المشاهد التلفزيونية العالم عن أداء فريضة الحج هذا العام ومدى الانضباط والجدية في الالتزام بالضوابط والاشتراطات وفقا للبروتوكولات التي تضمنت خططا تنفيذية استثنائية، مراعية المتطلبات الطبية، بدءا من العزل الصحي للحجاج قبل أدائهم المناسك وبعده، وتوفير البيئة الصحية، والحيز المطلوب للتباعد الآمن لأماكن سكن الحجاج في المشاعر المقدسة، وإعداد خطط التفويج للمسجد الحرام بما يضمن الالتزام بمعايير قدرة المملكة على تنظيم الحج وفقا للضوابط والاشتراطات التي هدفت إلى تمكين ضيوف الرحمن من أداء المناسك في أمن وصحة من ناحية، ودعمها للجهود الدولية في محاصرة انتشار جائحة كورونا ومنع تفشيها من ناحية أخرى. لقد جسدت كلمة الملك سلمان أسس الحفاظ على النفس، ونجحت المملكة بامتياز في تنظيم الحج في زمن الجائحة وفق ضوابط واشتراطات وتحوط صحي.. نعم المملكة تبهر العالم.V