بالرغم من التحديات التي فرضها تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» وانتشاره في أكثر من 180 دولة وإصابته لما يزيد على 16 مليون إنسان وتسببه في وفاة أكثر من 600 ألف شخص على مستوى العالم، إلا أن المملكة العربية السعودية من منطلق مسؤولياتها الدينية تجاه الإسلام والمسلمين في شتى بقاع الأرض، اتخذت قراراً صائباً وحكمياً وشجاعاً في نفس الوقت بالمضي قدماً في إقامة موسم حج هذا العام رغم ظروف الجائحة، والسماح لعدد محدود من حجاج الداخل لأداء الفريضة الدينية المهمة والركن الخامس من أركان الإسلام العظيم. وانطلاقًا من حرص المملكة على تمكين حجاج هذا العام من أداء مناسك الحج والعمرة في أمن وأمان وفي بيئة صحية جيدة خالية -بإذن الله- من فيروس كورونا المستجد، فقد قامت باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الاحترازية لحماية ضيوف الرحمن، بما في ذلك الالتزام بتطبيق البرتوكولات الصحية والوقائية المرتبطة بهذا الشأن. وبناءً على ذلك قررت الحكومة إقامة الحج هذا العام بأعداد محدودة للراغبين في أداء هذا المنسك للسعوديين وللمقيمين من مختلف الجنسيات الموجودة بداخل المملكة، مع الأخذ بعين الاعتبار إقامة الشعيرة بشكل آمن صحيًا بما يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات الجائحة. كما وسعت المملكة من خلال اتخاذها للقرار تحقيق أهم مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية المتمثل في حفظ النفس البشرية بإذن الله من كل شر وسوء أو أي مكروه قد يصيبها لا سمح الله أثناء أدائها للفريضة، وبالذات في ظل ما أوضحته وزارة الصحة السعودية، حيال استمرار مخاطر هذه الجائحة وعدم توفر اللقاح والعلاج للمصابين بعدوى الفيروس حول العالم. وبهدف الحفاظ على الأمن الصحي للحجاج هذا العام إلى جانب تحديد عدد الحجاج، فقد تم فرض العزل المؤسسي على الحجاج حتى اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، إضافة إلى عقد ندوات افتراضية توعوية، وتجهيز المشاعر بالخدمات الصحية والعلاجية اللازمة، والالتزام بتطبيق البروتوكولات المرتبطة بتوفير التباعد الآمن بين الحجاج ليشمل ذلك الطواف حول الكعبة المشرفة على هيئة مجموعات لضمان سلامة الحجاج. العالم الإسلامي بأسره أشاد بالإجراءات والتدابير الصحية الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة السعودية في موسم حج هذا العام، بما في ذلك تحديد أعداد الحجاج لحمايتهم وضمان سلامتهم، وبالذات في ظل تداعيات فيروس كورونا الذي غيّر من عادات الناس وطبائعهم دينياً واجتماعياً واقتصادياً. كما وقد تم التأكيد على أن المملكة قد دأبت على اتخاذ قرارات صائبة وسديدة في المواقف الجسام وأنها تقوم بواجب عظيم في طاعة لله تعالى وحبًا لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم لتسهيل أداء شعيرة الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي، وبما يحقق للمسلمين الراحة التامة والطمأنينة والإيمانية وهم يؤدون هذه الشعائر المباركة. أخلص إلى القول: إن الحكومة السعودية، حرصت كعادتها في كل موسم حج على توفير منظومة متكاملة من الخدمات للحجاج بتفرعاتها المختلفة (الصحية والأمنية واللوجستية وغيرها)، بهدف التيسير على الحجاج وتمكينهم من أداء مناسك الحج بشكلٍ آمن صحياً وبأعلى المعايير، وبالذات وبشكل استثنائي هذا العام بغية المحافظة على سلامتهم من تبعات وتداعيات فيروس كورونا المستجد.