انتقلت أزمة سد النهضة من القول إلى الفعل بعد قيام إثيوبيا ببدء ملء وتخزين المياه في السد، وهو ما أظهرته صور الأقمار الصناعية بجلاء، ما يعني دخول الأزمة مفترق الطرق بعد فشل جولات المفاوضات السابقة بين السودان ومصر وإثيوبيا لتجاوز النقاط الخلافية في الجوانب القانونية والفنية للسد الذي يقام على النيل الأزرق، وبدء تأثير الخطوة الإثيوبية على تراجع مستويات مقاييس تدفق المياه للسودان، وهو ما أعلنته الخرطوم رسميا. ومن المؤكد أن القمة الأفريقية المصغرة، لمناقشة الخلافات حول «سد النهضة» الإثيوبي، التي ستعقد غدا (الثلاثاء)، ستكون حاسمة بعد تأكيدات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن مصر ترفض الإجراءات المنفردة الجانب، التي من شأنها إلحاق الضرر بحقوقها في مياه النيل»، داعياً ل(حتمية بلورة) اتفاق قانوني شامل بين كل الأطراف المعنية حول قواعد ملء وتشغيل (سد النهضة). ورعى الاتحاد الأفريقي في السابق مفاوضات دامت أسبوعين، لكن لم يتم التوصل إلى نتيجة. ومن المؤكد أن نقصان إمدادات المياه سيؤثر عاجلا أو آجلا على مصر، التي طلبت ردا رسميا عاجلا من إثيوبيا لتوضيح الموقف، وظهر الغضب المصري على الخطوة الليبية في حديث وزير الري المصري للبرلمان المصري عندما قال لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء سد النهضة ولن نقوم بدور المتفرج، خصوصا أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قال في خطاب أمام البرلمان الإثيوبي الأسبوع الماضي: «إذا لم تملأ إثيوبيا السد فسيعني ذلك أننا قد وافقنا على هدمه». وتسعى القاهرةوالخرطوم للتوصل إلى اتفاق ملزم قانونياً بشأن قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة» الإثيوبي، وأعلنتا مراراً رفضهما أي إجراءات إثيوبية «أحادية» من دون التوصل إلى اتفاق شامل ل«النقاط الخلافية». ويعول السودان على مبادرة الاتحاد الأفريقي، التي يقودها رئيس جنوب أفريقيا سيريلرامافوزا، للوصول إلى توافق في النقاط الخلافية العالقة. ودفع السودان في تقريره للاتحاد الأفريقي بمسودة اتفاق يأمل أن تكون أساسا لاتفاق شامل ومقبول بين الدول الثلاث. وتطمح إثيوبيا إلى أن يمكنها «سد النهضة» الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار وستبلغ طاقته الإنتاجية من الكهرباء 6.450 ميغاوات، من أن تصبح أكبر دولة مصدرة للكهرباء في أفريقيا، لكنه في الوقت ذاته، يثير قلقاً مصرياً من تراجع إمدادات المياه «الشحيحة» أصلاً من النيل، والتي يعتمد عليها أكثر من 100 مليون نسمة، بنسبة تفوق 90٪. وليس هناك رأيان أن الأمن المائي لمصر والسودان هو جزء لا يتجزأ من الأمن العربي، وأي عمل أو إجراء يمس حقوق الأطراف كافة في مياه النيل، مرفوض ومن المهم والضروري استئناف المفاوضات بحسن نية للوصول إلى اتفاق عادل يُراعي مصالح كل الأطراف.