من وراء التفجيرات المتلاحقة التي وقعت في إيران.. سؤال على لسان كل صناع القرار في المنطقة والإقليم والمحيط العالمي.. فخلال أسابيع معدودة تضرب جهة مجهولة مواقع حيوية نووية وإستراتيجية عسكرية شديدة الحراسة، بدءاً من منشأة نطنز النووية ومواقع تابعة ل«الحرس الثوري»، وانتهاء بمناطق صناعية وبتروكيماوية، وخطوط أنابيب غاز.. وما بين تصريحات إيرانية رسمية على استحياء وتكتم أمني من أعلى مستويات الحرس الثوري، إلى ما يُشاع عن تدبير الاستخبارات الإسرائيلية، أو الأمريكية لهذه الضربات.. السؤال الذي ما زال يحتاج إلى إجابة مقنعة.. هو كيف تمكنت أي جهة كانت من شن كل هذه الهجمات المتتالية خلال أسبوعين فقط على منشآت غاية في الأمنية؟ وكيف فشلت أجهزة الاستخبارات الإيرانية في وقف الهجمات، أو الإمساك بمرتكبيها؟ وأين كانت أعين أجهزة مكافحة التجسس الإيرانية؟ خصوصا إذا وضعنا في الاعتبار حجم الإجراءات الأمنية الإيرانية المشددة ، فلن يتبقى إلا سيناريو واحد وهو أن التفجيرات حدثت بترتيبات من الداخل الإيراني، وإلا كيف نبرر ما حدث في بارشين وخوجير وهما موقعان عسكريان مهمان. مصادر إيرانية موثوقة كشفت ل«عكاظ» أن التفجيرات حدثت بمساعدة منشقين من الحرس الثوري لاستهداف منشآت نووية ومرافق «الحرس الثوري» من دون أن يتمكن «الحرس الثوري» وأجهزة الاستخبارات من كشف الخلايا التي قامت بالهجمات، أو وقف عملية الاختراق عبر أجهزة الكومبيوتر أو شبكة الإنترنت، التي تمت، وهو الأمر الذي يؤكد وجود انشقاقات داخل قيادات الحرس وأجهزة الاستخبارات ومكافحة التجسس الإيرانية؛ كون الحادثة التي وقعت في نطنز دمرت جزءاً كبيراً من البنية التحتية للبحوث النووية الإيرانية، بما يضع النظام في موقف صعب. وفي معرض رد المصادر الإيرانية الموثوقة على ما ذكرته شبكة «بي بي سي» بالفارسية التي بثت تقريرا تقول فيه إنها تلقت بريدا إلكترونيا من جماعة غير معروفة زعمت أنها تتألف من منشقين داخل الحرس الثوري أعلنت مسؤوليتها عما حصل في نطنز؛ قالت إن جماعة تطلق على نفسها اسم «فهود الوطن» تعمل تحت غطاء أمني سري مكون من قيادات عسكرية منشقة من الحرس الثوري هي التي استهدفت موقعاً نووياً إيرانياً مهماً. وأفصحت المصادر عن أن التفجيرات التي وقعت أخيرا نتجت عنها خلافات بين قيادات الحرس الثوري وأجهزة الاستخبارات والتجسس الإيرانية، خصوصا بعد طلب خامنئي تقريرا أمنيا سريا عن التفجيرات حيث تأخر إعداده وتقديمه ما أدى إلى غضبه وتذمره. لقد بلغ التآكل في جسد النظام الإيراني ذروته بعد الانشقاقات داخل الحرس الثوري وعزل روحاني بشكل كامل عن صناعة القرار، فضلا عن وجود قيادات معتدلة تنظر بسخط كبير للسلوك العدائي الذي يمارسه الحرس الثوري، إلى جانب وجود انقسامات بين الإصلاحيين والمتشددين. ولم تعد الخلافات خلف الأبواب المغلقة بحسب المصادر وإنما خرجت إلى العلن وتصاعدت وتيرتها مع تفاقم التوترات وتدهور الوضع الاقتصادي، وأضحت أصوات الزعامات الإيرانية المعتدلة تتعالى للمطالبة بالكف عن السياسات العدائية، هذه السياسات التي أعادت إيران للوراء.. المزيد من المفاجآت قادمة.. إيران تتفجّر.. ولاية الفقيه تنشطر.. غداً نستكمل