نعم؛ لأنه عهد سلمان وولي عهده الأمين، عهد تتطابق فيه الشعارات مع الأفعال، والنظريات مع التطبيق، والهمة المتوثبة مع القمة الشاهقة، لأجل هذا فلا مندوحة أمام الجميع إلى أن يستشعروا هذه الروح الوثابة، والطموح الذي لا يعرف المستحيل.. فتتفجّر الطاقات، وتشحذ الهمم، وتستنفر الطاقات الكامنة، والغاية رفعة هذا الوطن، ليصبح رمزاً للأمم، وسارية في المحافل الدولية كلها.. إنها معان استشعرتها مؤسسة الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، فكان دأبها التطوير المستمر، واستلهام كافة التجارب الحديثة والتقنيات الطبية المتطوّرة، وتوطينها على أرض الوطن بما يجعل العلاج لأعصى وأعقد العمليات الجراحية ممكناً ومتاحاً في المملكة، ويبعث برسالة مفادها أن المملكة علم متطور، وأبحاث حاضرة في مثابات العلوم ومحافل الصحة العالمية.. وهذا ما تجسّد منذ قيام هذا الصرح العملاق، وقد وقفت على كثير من جوانبه المشرقة سواء في إدارتة الطموحة أو كادره الطبي والفني المميز ليتوّج هذا الصرح العملاق بالعديد من الأوسمة والشهادات التي تؤكد مكانته العلمية على المستوى العالمي.. وليس أدلّ على ذلك من دخول مركز القلب في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض دخل ضمن أكبر (5) مراكز على مستوى العالم في جراحة الروبوت القلبية، وهذا مرتبة مرموقة تتقاصر دونها طموحات الكثير من مثيلاته، وقد نالها بعد أن تمكن من إجراء (105) عمليات دقيقة ومعقدة للقلب خلال عام واحد بواسطة النظام الجراحي الروبوتي السريري، وذلك حسب تصنيف الشركة الأمريكية لروبوتات دافنشي، لمرضى تتراوح أعمارهم ما بين 14- 80 سنة. ولعل من أبرز العمليات التي تمت في هذا المجال واستطاع مركز القلب في تخصصي الرياض من توسيع نطاق استخدام تقنية الروبوت في جراحة القلب المعقدة والتي كانت لا تتم إلّا في المراكز العالمية مثل زراعة الشريان التاجي، استبدال أو إصلاح الصمامات المتيرالية أو الثلاثية وكذلك إصلاح الثقوب والعيوب الخلقية القلبية وإزالة الأورام القلبية وأخيراً كي الأوردة الرئوية التي تسبب رجفان القلب. وقد أكد الدكتور فراس خليل، استشاري الجراحات القلبية ورئيس قسم جراحة القلب في تخصصي الرياض أن إجراء العمليات بواسطة تقنية الروبوت قاد إلى سهولة وسرعة نقاهة مرضى يعانون من حالات مرضية قلبية دقيقة ومعقدة باشرها مركز القلب في المستشفى بنسبة نجاح بلغت 98.2 في المائة. وبيّن الدكتور خليل فوائد استخدام جراحة الروبوت في عمليات القلب والفرق بينها وبين الجراحة التقليدية بأن العمليات الجراحية القلبية بتقنية الروبوت ذات ألم أقل، وتتطلب إجراء فتحة صغيرة بمقدار يتراوح من 2 إلى 3سم بين الأضلاع لتمرير الصمامات والشرايين وثلاث فتحات أخرى بين الأضلاع بمقدار 8ملم لدخول أذرع الروبوت بدلاً من إجراء شق كبير في وسط الصدر بمقدار كما هو الحال في الجراحة التقليدية وما يكتنفها من إطالة أمد الاستشفاء والمضاعفات والمكوث لفترة أطول في العناية المركزة وأجنحة التنويم. لقد بذلت مؤسسة الملك فيصل التخصصي الكثير من الجهد والمال والوقت والصبر وأتاحت الفرص لأطباء الوطن للتدريب على القيام بهذه العمليات والإبداع فيها دون إيقاف القلب أو استخدام وصلة رئوية أو حتى فتح عظام القفص الصدري وإجراءات كانت تجري في العمليات التقليدية. وبذلك يدخل التخصصي معيار الطب العالمي الحديث لعلاج أمراض القلب بالروبوت في دقة ومرونة وأداء مميز يساعد على تحسين نتائج العمل الجراحي للمريض، كل هذا يأتي في إطار النظرة الشمولية التي توليها القيادة للخارطة الصحية في المملكة، فكرة تراءت في مخيلة الشهيد الملك فيصل بأن يكون على أرض الوطن مستشفى صحي متخصص يعالج الأمراض المستعصية بأسرّة محدودة ليضيف من بعده أبناء المؤسس لبنات خير حتى تم البناء وتكامل، يؤتي أكلَه بإذن ربه في كل حين علاجاً وشفاء. نشهد اليوم ما نشهده من عمليات زراعة للأعضاء المختلفة إلى عمليات للقلب المفتوح بتقنية الروبوت واستخداماته كذلك في عمليات سرطان الرحم وأورام المسالك البولية وسرطان الكلي والبروستات إلى الإسهام في علاج الأمراض المستعصية يشد من أزر أطبائه مركز أبحاث متخصص يقدم بحوثه وآخر المستجدات لصالح الإنسان والمكان. تعزز من مقدراته اتجاه القيادة برؤيتها المباركة لنشر العلاج التخصصي للأمراض المستعصية والزراعات في كل انحاء المملكة فتوسعت في الرياض وتمددت في جدة مدينة طبية تنتظر رعاية كريمة ويداً حانية لتعلن بدء عملياتها ويشارك تخصصي المدينة في رسم سياسة صحية تخصصية على خارطة الوطن. ولازال هناك الكثير لتكتمل صورة البناء والعطاء. إنني على ثقة ويقين أن هذا الصرح الكبير ماضٍ في مسيرته إلى تحقيق غاياته العظيمة، مسنوداً بدعم ولاة الأمر الميامين له، ومتدرجاً في خطواته على إيقاع إدارته البصيرة، التي أحكمت الخطط، ووضع المعايير التي من شأنها أن تضع هذا الصرح في المكانة التي تليق به ويليق بها، وهل ثمة أليق بالكمال والقمة العالية بمثل هذا الصرح الفريد.