ليس هناك شك أن معظم أفراد المجتمع السعودي أبدوا تعاوناً كبيراً في مرحلة ما بعد العودة للحياة الطبيعية، من حيث الالتزام الحازم بالإجراءات الاحترازية والتحوط واستخدام الكمامات ومواد التعقيم والتباعد الاجتماعي لمواجهة الوباء الفيروسي، وأكبر دليل على ذلك انخفاض معدلات الإصابات بشكل كبير في الرياضوجدة ومكة التي شهدت ارتفاعات مخيفة خلال الأسابيع الماضية.. ويبقى التزامنا التام الذي من شأنه العمل لمزيد من تقليل الإصابات، فبالإضافة إلى أنه حماية للفرد، كما أنه مسؤولية نحن مطالبون بالتقيد بها حفاظاً على أنفسنا ومن نحب.. لقد شاهدت تعامل المواطن بحزم مع الإجراءات الاحترازية شخصياً خلال خروجي لشراء بعض الاحتياجات في الرياض.. وتذكرت مبادرة «حقا محترزون» التي أطلقتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في رمضان الماضي في إطار الإجراءات الاحترازية وتعزيز مفهوم التباعد الاجتماعي بين المصلين المحدودين في المسجد الحرام والمسجد النبوي، هذه المبادرة التي أبلغني معالي الشيخ الفاضل الدكتور عبدالرحمن السديس شاكراً في حينه بإطلاقها عبر رسالة «إس إم إس»، على هاتفي، تذكرت المفهوم القوي والمؤثر لهذه المبادرة، وأنا أشاهد انخفاض أرقام الإصابات وهي تتناقص تدريجيا في عدد من المدن بفضل من الله ثم بالالتزام والاختيار والتحوط والتباعد.. لكن في نفس الوقت المعركة مع كوفيد 19 لم تنته بعد. وأمامنا مشوار طويل لإكمال الانتصار على هذا الفايروس الذي غيّر ملامح العالم والمطلوب استمرار الصرامة، الانضباطية، التعقيم والتطهير للحفاظ على بيئة صحية آمنة.. طبيعية بشكل كامل، حيث تستهدف العودة الطبيعية إتاحة الفرصة لاستئناف جميع الخدمات الحكومية وانطلاق جميع الأنشطة الاقتصادية من جديد. لقد كان المتحدث باسم وزارة الصحة واضحاً عندما تحدث عن الضوابط التي تحكم العودة الطبيعية التي تمكن في التقييم والتقدير المستمر لا مخاطر أو أي احتياطات أو احترازات لازمة. لقد تعاملت المملكة منذ اليوم الأول لتسجيل أول إصابة جائحة كورونا بأقصى حالات التحوط والاحتراز وتطبيق الإجراءات الوقائية لمنع انتشار الفايروس وحصاره في بؤره من خلال المسح النشط واليوم نرى نتيجة هذا الاحتراز والتحوط التي وصلت إلى ذروتها.. وكون العالم لم يتمكن حتى الآن من الوصول إلى لقاح فعال يمكنه من وضع حد لانتشار فايروس كورونا، وعلى الرغم من تضاعف أعداد المصابين والقتلى بهذا الفيروس، فإن أعين العالم كله مركزة اليوم صوب سبل تطويق هذا الفايروس وضمان تعامل عالمي ومنسق بقدر كاف مع الوباء يؤسس قدرة على المرونة والتعافي من أجل المستقبل واتخاذ إجراءات متضافرة وشجاعة، من المؤكد أن عدد الحالات الجديدة في تصاعد كما حدث مؤخرا بشكل مفاجئ في عدد من الولاياتالأمريكية، ما قد يدفع بالنظم الصحية إلى الانهيار من جديد، مع تعرض الدول الأفقر للقدر الأكبر من الضرر.. ومن إعادة فتح الكولوسيوم في روما والشانزليزيه في باريس واستئناف عمل المتاجر في موسكو والمدارس في بريطانيا، تتسارع عملية عودة مظاهر الحياة الطبيعية في أوروبا، بعد أشهر من العزل الصحي بسبب كورونا، لكن هذه العودة كانت ببطء وحذر، خصوصاً أن خطورة الفايروس تكمن في خاصيتين؛ سرعة عدواه وطول فترة حضانته وخطورته بدرجة قاتلة على كبار السن، ومن يعانون من أمراض تنفسية وأمراض القلب. ونحن على يقين أن المجتمع السعودي بمسؤولية عالية فإن الالتزام بالاشتراطات والبروتوكولات الوقائية كفيل بالتقليل من مخاطر انتشار وانتقال العدوى، مع ضرورة أن يتحلى الجميع بالوعي والالتزام بالسلوكيات الصحية، فالمسؤولية الوقائية أصبحت تقع على الفرد نفسه.. من «كلنا مسؤول» الى «حقا محترزون» إلى «العودة بحذر»... الحذر الحذر.. تبقى الكثير! كاتب سعودي falhamid2@