شيئاً فشيئاً تتبدى ملامح الملحمة التي تخوضها المملكة العربية السعودية للسيطرة على تفشي وباء كوفيد-19. وهي «ملحمة» بسبب تضافر الجهات الحكومية في جهود التصدي للوباء بأقل قدر من الضرر. وهو ليس تضافراً شكلياً وبيروقراطياً؛ بل جهد يحتكم إلى العلم، ويتم تأطيره عبر «بروتوكولات» تفصيلية ودقيقة، ومنظمة إلى درجة متقنة؛ خصوصاً ما يتعلق منها بالحقول الطبية، والعلمية، والغذائية، والدوائية. وعلاوة على ذلك، فإن وزارة الداخلية السعودية تطبق من جانبها بروتوكولاً علمياً للحد من انتشار جائحة كورونا في عدد من القطاعات. ويعتقد أنها المرة الأولى في التاريخ السعودي الحديث التي يتم خلالها اعتماد عدد من البروتوكولات في جميع القطاعات الحيوية استناداً إلى مشورة الجهات العلمية والطبية السعودية، داخل الحكومة وخارجها. وعلى رغم أن ثمة جانباً مثيراً للقلق من الأرقام، حين ينظر إليها من زاوية ضيقة، إلا أن الدلائل المبدئية تشير إلى أن السعودية تحقق تقدماً مبهراً في حربها على وباء كوفيد-19. ففيما تحتل المملكة المرتبة ال17 عالمياً في عدد الإصابات (وليس الوفيات)، طبقاً لرصد جامعة جونز هوبكنز، وموقع «ويرلدأوميتر»، ب83384 إصابة، فإن عدد الحالات النشطة (الجارية معالجتها، وبينها 384 حالة حرجة) لا يزيد فعلياً على 24501 بحسب أرقام ظهيرة السبت. ويعني ذلك أن عدد المتعافين في المملكة وصل إلى 58883. وكانت السلطات السعودية أعلنت في أبريل الماضي أن علماءها يتوقعون أن تصل ذروة الإصابات إلى 200 ألف إصابة، قبل أن يبدأ تراجع المنحنى. وتشمل الجهود الملحمية السعودية للتصدي للجائحة تطبيق بروتوكولات صحية، وعلاجية، وعلمية، وغذائية من قبل وزارة الصحة السعودية، والهيئة السعودية للغذاء والدواء، التي أضحت في غضون سنوات قليلة من إنشائها حائط الصد الأمامي الأول لسكان المملكة في ما يتصل بسلامة الغذاء، والدواء، والأجهزة الطبية. وتشمل البروتوكولات المشار إليها بروتوكول وزارة الصحة العلاجي للمشتبه في إصابتهم ومن تأكدت إصابتهم بكوفيد-19. وهو متاح على موقع وزارة الصحة السعودية. كما أن وزارة الصحة السعودية وضعت عدداً من البروتوكولات الأخرى، لمعالجة كوفيد-19 لدى الحوامل، وإرشادات الوزارة بشأن الأطفال الذين يولدون لأمهات مصابات بكورونا، وبروتوكول الإرشادات المؤقتة لعلاج الأطفال المشتبه في إصابتهم ومن تأكدت إصابتهم بالفايروس، وبروتوكول الإرشادات الطارئة لأطباء الأسنان لحالات كوفيد-19، وبروتوكول التغذية أثناء الوباء، والإرشادات للرضاعة الطبيعية للمواليد المصابين بكوفيد-19، وبروتوكول التنفس الآلي لمرضى كوفيد-19. كما أن هناك بروتوكول الإرشادات بشأن كوفيد-19 الذي وضعته الوزارة والهيئة العامة للغذاء والدواء. ويقوم المركز الوطني السعودي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (وقاية)، ومركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي، ومستشقى الملك فيصل التخصصي، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا بجهود علمية، وبحثية تنشر في المجلات العلمية الدولية المحكّمة. وتحظى تلك الأبحاث بتقدير عالمي، في سياق الدور السعودي المتعاون مع منظمة الصحة العالمية.