جند نفسه للتحذير من خطر الفايروس، نشر عشرات المقاطع المرئية التي تتحدث عن هذا الخطر الداهم.. حارب الرقص الجماعي في الأفراح ودخول العائلات إلى ملاعب كرة القدم، بل خصص مقطعا طويلا عن خطر ازدحام معرض الكتاب السنوي.. فالفايروس قادم. يقول: العقول ستتضخم.. الألسن ستفيض بالقيح والمجون.. العيون ستظلم.. شعر الوجه سيتساقط.. يواصل صارخا في الوجوه: إن تمكن منكم هذا الفايروس ستصبحون طيورا ممسوخة كما مسخت اليهود قرودا. وصلت مشاهدات مقاطعه المرئية الصاعقة إلى ملايين الأرقام في أيام معدودة. يتحدثون كثيرا عن خطر الفايروس وعن فكر مكتشفه.. غدت صورة وصوت هذا المكتشف، طَرقات تهوي على العقول.. فيثور غبار معركة المسموح والمحظور.. الأعراض المرضية واحدة.. أجساد ترتعش خوفا من المجهول وعيون تفيض بالدمع، وقلوب تكتسي بالحسرة والندم على ما فات. عندما فاض طوفان الأجساد في ساحة المدينة. صاح أحدهم .. هاتوا المكتشف.. هو أملنا الوحيد في الحياة.. هو المخلص. أطل عليهم بهيئته المهيبة.. طول فارع.. كرش متقدم.. لحية بيضاء تعانق الصدر.. لحظتها.... تقافزت الأرواحُ قبل الأجسادِ.. كل روح تريد معانقة هذا الزائر المنتظر.. تهامسوا بينهم: لا شك أنه المخلص من آلام العذاب الذي يسري في دمائنا. تعاركت الأجسادُ كي تصلَ إليه.. رُفع فوق الأعناقِ.. انسابت الجموع إلى خارج المدينة، وهي تحمل المخُلص. لكن.. لسوء الحظ.. أنهكت الأيادي التي تحمله... فسقط تحت الأقدام المتطاحنة.. تطايرت الأكفان التي كُسيت بها الأجساد، وتحولت ساحة المدينة المستلقية على تلة خضراء إلى شعلة من الرقص. .. وبات جسد المخلص نهبا للكلاب الجائعة.