برغم أن كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، حفظه الله، كانت واضحة وجلية أمام قمة قادة العشرين الاستثنائية، وتحدثت بشفافية عن أن «المرحلة المقبلة سوف تكون أكثر صعوبة على المستوى العالمي»، بما دقّ ناقوس التنبيه للخطر المحدق، وما تبع ذلك من رفع لمستوى الإجراءات الاحترازية والوقائية، على نحو مشرف، أصبح نموذجاً أشادت به العالم، برغم ذلك كله، ما زال بعضنا -وللأسف الشديد- يتعامل مع الوضع بصورة؛ أقل ما يمكن أن توصف بها أنها «غير مسؤولة» وتنطوي على قدر كبير من العبثية، والصبيانية، والهمجية، والمسلك غير الحضاري، بما نشاهده من مظاهر الفخر الزائف التي تقودها روح المغامرة الطائشة حين يتباهي «يافع غر»، و«جاهل مغشوش» بخرقه لأمر حظر التجول، أو إساءته لرجال الأمن حين يضبطون مخالفته، ويقيدون حركته الغبية، ولا يكتفي بذلك، بل ينشر هذا المسلك المرفوض على كافة وسائل التواصل الاجتماعي، في صورة تخدش النموذج الرائع الذي ضربته المملكة في التعامل الاحترافي والعلمي مع هذه الجائحة. إن هذه التصرفات الصبيانية التي ظلت تطلّ علينا من حين لآخر، غفل أصحابها ومقترفوها حقيقة الخطر المحاق الذي يتعرّضون له أولاً، ويعرّضون الآخرين له تالياً، ولا أدري من الذي طمس بصائرهم، وأعمى أبصارهم، وغشّى على أفئدتهم، عن إدراك ماهية هذا الخطر العالمي، وكأنهم لا يشاهدون ما يحدث في العالم من حولنا، أو حتى في داخل وطننا الحبيب، من ازدياد في حالات الإصابة، بوتيرة تدعو إلى الخوف، وهو ما عبّر عنه معالي وزير الصحة بلغة انطوت على رسم صورة مخيفة لمستقبل الوباء إن استمر حال البعض من المستهترين والضاربين عرض الحائط بالأوامر والإجراءات الوقائية، فإن لم يسمعوا هؤلاء بدويِّ الناقوس الذي قرعه وزير الصحة، فلا أقل من أن نعيد عليهم فقرة منه، لعلهم يعون ما نحن فيه من أزمة، وما يتوجب عليهم من سلوك، غير ما هم فيه من عبث لا يليق، وصبينة ليس هذا أوانها.. انظروا إلى وزير الصحة وقد خاطبكم بالقول: «اسمحوا لي أن أتحدث معكم بكل شفافية وإن كانت مؤلمة، فللأسف إن البعض من أفراد المجتمع لم يطبق شعار «كلنا مسؤول»، ولم يأخذوا التعامل مع خطورة الوباء بالجدية الكافية، كما أنهم لم يلتزموا بما يصدر من تحذيرات تشدد على خطورة المخالطة والتجمعات، وكلكم شاهدتم مثل هذه الممارسات والسلوكيات في الأيام الماضية من البعض، والتي تدل على أننا بحاجة لاتخاذ إجراءات أخرى تحمينا وتحمي المجتمع من هؤلاء، حيث نقف اليوم أمام لحظة حاسمة في رفع استشعارنا كمجتمع للمسؤولية، والمساهمة جميعاً بكل عزم وإصرار في إيقاف انتشار هذه الجائحة، وإلا فإن التوقعات في قادم الأيام لا تشير إلى أن أرقام الإصابات في تناقص بل في تزايد مستمر».. هل أذكركم بالرقم الذي ساقه وزير الصحة في توقعه لانتشار المرض بيننا؛ إنه يفوق ال200 ألف إصابة، يا هؤلاء، وربما أزيد، وأكثر فداحة.. وسبب ذلك بكل بساطة «حزينة» صبينتكم الغبية، وسلوككم الممرور.. فمتى تدركون أن الأمر ليس مغامرة من شاكلة التفحيط، أو مباهاة زائفة من قبيل إثبات الذات بخرق القانون وكسر الأمور.. الأمر أدهى وأخطر يا أنتم.. إنها أرواح الأبرياء، وسلامة الناس، وأمن الوطن.. إنكم تضعون كل ما تقوم به الدولة في كف عفريت، وتجعلون كل هذه الإجراءات المتبعة، والجهود المقدرة رهن تصرفاتكم الطائشة، فلتعلموا أن هذا الفايروس المجنون يمتطي ترهاتكم ليصل إلى الجميع في متواليات هندسية لن تكون لها نهاية طالما كان هذا سلوككم، وخرق الأوامر ديدنكم.. فارحمونا يرحمكم الله، واعلموا أن حياة الناس، وسلامة الوطن ومواطنيه تتحقق بالجهد الجماعي، وأنتم جزء منه اجلسوا في بيوتكم ادخلوا مساكنكم قروا في أماكنكم.. فهل تعقلون ذلك؟! أم على القلوب أقفالها! * كاتب سعودي [email protected]