بينما يتخذ صانعو السياسات في جميع أنحاء العالم، خطوات غير مسبوقة لدعم اقتصاداتهم مع تداعيات وباء فايروس كورونا، عكفت المملكة في بلورة إستراتيجياتها النفطية، ما يحافظ على مصالحها الإستراتيجية، وسعياً للوصول إلى اتفاق عادل يعيد التوازن المنشود للأسواق البترولية. ومثلما أضر تفشي فايروس كورونا بأسواق النفط، وكون المملكة أكبر مصدر له، وهي التي تمثل البنك المركزي للنفط في العالم، والتي إذا عطس إنتاجها النفطي لسبب أو لآخر نجد العالم يصاب بالزكام، كما أوضح الخبير النفطي محمد سرور صبان في إحدى مقالاته التي كتبها في «عكاظ» أخيراً، جاءت دعوة المملكة إلى عقد اجتماع عاجل لدول (أوبك+) ومجموعة من الدول الأخرى، بهدف الوصول إلى اتفاق عادل يعيد التوازن المنشود للأسواق البترولية، خصوصاً أن الرياض بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً كبيرة للوصول إلى اتفاق في مجموعة (أوبك+) لإعادة التوازن في سوق النفط. تحركت السعودية التي تعتبر مورداً عالمياً أساسياً للنفط، الذي تقارب مستويات استهلاكه هذا العام 100 مليون برميل يومياً، ذلك وفق مسؤوليتها للحفاظ على توازن الأسعار، وهو ما أشار إليه وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، عندما قال في تصريحات أمس «إن سياسة المملكة البترولية تقضي بالعمل على توازن الأسواق واستقرارها بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء». وأشار إلى أن المملكة بذلت جهوداً كبيرة مع دول (أوبك+) للحد من وجود فائض في السوق البترولية ناتج عن انخفاض نمو الاقتصاد العالمي، إلاّ أن هذا الطرح وهو ما اقترحته المملكة ووافقت عليه 22 دولة، لم يلقَ -وبكل أسف- قبولاً لدى الجانب الروسي، وترتب عليه عدم الاتفاق. ورغم الظروف الصعبة التي تواجهها أوبك وأسعار النفط، إلّا أن المملكة كعادتها كانت حريصة على استقرار أسواق النفط بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وهذا ما أكده وزير الطاقة عندما أشار إلى أن المملكة لا تزال تفتح ذراعيها لمن يرغب في إيجاد حلول للأسواق البترولية، كونها دعت إلى اجتماع عاجل لدول (أوبك+) ومجموعة من الدول الأخرى في إطار سعي المملكة الدائم في دعم الاقتصاد العالمي في هذا الظرف الاستثنائي، وتقديراً لرغبة الرئيس ترمب بحثاً عن توازن السوق. المملكة وبحكم مسؤوليتها لن تترك أوبك ولن تنأى بنفسها عما يجري في المشهد النفطي العالمي. وكما تحركت على المستوى الدولي عندما عقدت قمة افتراضية على مستوى قمة مجموعة العشرين لبحث تداعيات (كوفيد 19) لن تقف مكتوفة الأيدي لإعادة التوازن للسوق، ولن تسمح باستمرار معركة بعدما هبطت أسعار النفط نحو 30%، الذي يعد أكبر هبوط منذ نحو 30 سنة. المملكة والنفط.. قوة في التأثير وحكمة في التدبير.