أدى تفشي البيروقراطية في بعض القطاعات العامة وحتى بعض الشركات إلى البحث عن وسيط لتمكين المستفيد من الحصول على الخدمة بأسرع وقت ممكن، وهذا ما عرف محلياً باسم «واسطة». ولسنا في هذا المقال بصدد مناقشة عدم مشروعية وعدم قانونية مثل هذا السلوك الذي لا تخلو نسبياً منه أي مؤسسة أو منظمة إدارية مهما كبرت أو صغرت في أي دولة من دول العالم، إلا أن درجة تفشي مثل هذا السلوك، غير الحميد، ترتفع في الدول التي تضعف فيها الرقابة على أداء المؤسسات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية كدول العالم الثالث، التي تكون الغلبة للمافيات المعروفة وغير المعروفة التي تتحكم بالقرار مهما تغيرت الواجهات الحزبية أو تغير متخذ القرار «شكليًّا» أمام جمهور المستفيدين. ومحليًّا، وبعد أن باتت السعودية من مجموعة العشرين، يمكننا القول إن مثل هذه الظاهرة بدأت تتلاشى في أغلب القطاعات بعد الإصلاحات الحكومية الصارمة التي نفذت انطلاقاً من رؤية المملكة 2030، ومما ساهم بشكل فاعل في تقليص ممارسة مثل هذا السلوك الذي يتنافى مع مبادئ العدالة، وتساوي الفرص أمام الجميع، تفعيل الخدمات الإلكترونية في مختلف القطاعات خاصة منصة (أبشر) وربط كافة مزودي الخدمات بمركز المعلومات الوطني الذي يعتبر حجر الزاوية في تفعيل الخدمات الإلكترونية وتطبيقاتها لخدمة المستفيد دون الحاجة لزيارة الجهة المقدمة للخدمة والتي لمسنا عظمة قيمتها وأثرها في ظل الإجراءات الاحترازية التي فعلتها حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- لمنع انتشار «فايروس كورونا». إلا أن ما يثير الاستغراب استمرار بعض الأشخاص في البحث عن «واسطة» لتمكينه من الإفلات من غرامة الخروج وقت حظر التجول لمنع تفشي الفايروس!، صحيح أن بعض الناس قد يلتمس العذر لشخص مضطر «تقطعت به السبل» وبحث عن واسطة ليحصل على وظيفة يقتات منها ويعيل أسرته أو في بعض الحالات ليجد سريرا لعلاج أحد أقاربه في المستشفى الذي يرغب العلاج فيه، لكن أن يبحث شخص من غير ذوي الأعذار، عن واسطة ويزعج المسؤولين بالاتصال في مثل هذه الظروف لعله يُمنح تصريحا بالخروج من المنزل ويزيد فرص تعرضه للعدوى بفايروس كورونا، تالله إن هذا لهو الجهل بعينه!. * كاتب سعودي