لا يمكن أن يمر موقف عالمي أو حدث كبير دون أن يكون للسعودية وقفة أو بصمة تجعل الدول الأخرى حائرة حول هذا الكيان العظيم. والأهم من ذلك أنها تعمل ذلك لنفسها؛ ليس بحثاً عن دور أو مصالح، فقد تجاوزت منذ عقود لعبة الدول التي تبحث عن صوت أو بالأحرى لا تهتم لأنها جعلت هدفها الإنسان أولاً. منذ بداية أزمة كورونا والعالم يعيش حالة هستيرية حول هذا الوباء الجائح الذي يمر بين البشر مرور اللئام! فالأرقام ترتفع والمؤشرات مرعبة وكل دولة في حالة استنفار ورهاب وبحث عن تقديم الأولويات والخدمات لمواطنيها بالبحث عن المساعدات أو طلب الإعانات، إلا أن المواطن السعودي يقرأ مثل هذه الأخبار وهو مطمئن في بيته والخدمات تحيط به من كل مكان وهو يرفل بالأمان، لأن هناك سلمان بن عبدالعزيز الملك الذي وضع نصب عينيه الإنسان. يقول (هنري فايول) عالم الإدارة الشهير «إن جوهر الإدارة هو قوة التنبؤ بالأشياء قبل حدوثها». فالمتتبع لقرارات ملك الإنسانية لوضع كورونا في السعودية يعرف جيداً كيف أن الحكومة اتخذت إجراءات أصبحت مصدر فخر ونموذجاً يقتدى به من الدول الأخرى. الإجراءات بدأت من الخطوات الاستباقية الذكية ذات الطابع الوقائي قبل حدوث الكوارث (Proactive) بعمليات العزل المنزلي والحجر الصحي وتعليق الدراسة والعمل مروراً بمنع التجول في المدن إلى علاج جميع مصابي كورونا مجاناً لكل إنسان في السعودية، وتكفل الحكومة بدفع 60% من رواتب موظفي القطاع الخاص المتأثرة من التداعيات الحالية جراء انتشار الفايروس، وتمديد هوية مقيم للوافدين داخل وخارج السعودية وغيرها من القرارات القادمة التي تتمحور حول الإنسان. أمضينا عقودا من الزمن ونحن نمجد وننفخ العالم الغربي كنموذج عالمي في كل شيء؛ إلا أن كارثة كورونا كشفت لنا الوجه الغامض من هذه الدول تجاه الإنسان! هذا لا يعني أنها سيئة؛ ولكن هذه الأزمة أخرجت تنين رأس المالية القذر الذي وضع مصالحه أولاً وأخيراً، وشاهدنا كيف أن مواطني تلك الدول لا يجدون أسرّة وتوضع جثثهم في الممرات وهذه الدول كانت كل يوم تندد بحقوق الإنسان؛ فأين هي الآن! كلما تحدثتُ مع إيرلندي من مقر إقامتي في دبلن عن ما قدمته السعودية تجاه الإنسان على أراضيها بشكل عام والمواطن السعودي خاصة؛ شعرتُ بالزهو وأن جناحين يطيران بي من الاعتزاز خصوصاً عندما يقولون: هل لنا مكان بينكم! عندها أتذكر من كان يبحث عن جنسية أخرى أو يشتري بيتاً في الخارج مبررين ذلك بوجود مكان آمن في حال الأزمات!! بودي أن أقول لهم: أين أنتم الآن؟ هل تسكنون في الفنادق التي وفرتها الدولة مجاناً لمواطنيها العالقين في الخارج؟، أم سجلتم أسماءكم في موقع وزارة الخارجية ضمن قائمة من سوف يتم إجلاؤهم للسعودية؟! ورغم أننا في وسط معركة كورونا؛ إلا أنه بعد بضعة أيام سوف نحتفل بمرور أربعة أعوام على إعلان رؤية 2030 التي حققنا فيها الكثير من الأهداف، ولم نتوقع أن تُحدث تغيرات جذرية بما يتعلق بالتطوير والإصلاح والتجديد، وذلك بوجود قائد التغيير الأمير محمد بن سلمان الذي أثبت للعالم أجمع أن السعودية قادرة -مهما كانت العوائق- بأن تواصل مسيرة التقدم والازدهار للإنسان والمكان.. عمار يا بلدي عمار يا بلدي. * كاتب سعودي FaresAlhammzani@ [email protected]