يروّج البعض لفكرة إيجابيات جائحة كورونا، وأن هذه الجائحة أصبحت سبباً في جمع شتات الأُسرة، وتغيير عاداتها السيئة، والكثير من هذا الكلام الذي لا يمكن وصفه إلاّ بأنه كلام غير صائب. صناعة عالم وردي، وإغراق النفس بأحلام لا واقع لها، يُعتبر بيع وهم، والوهم خسارة، ولا وقت لدفع ثمن الخسائر. حالة الخوف التي يعيشها العالم، والضغوطات التي تواجه العاملين في الميدان، وحالة الترقب، لا يمكن أن تصنع استقراراً نفسياً للأُسر حين يتم تسويق هذا الوباء على أنه مُفيد من هذه النواحي!! الموت، المرض، الانتظار، والأمل هذه الأشياء تجعل من كورونا وحشا حقيقيا في حضرته لا يمكن أن يكون للحياة وجه جميل. إنَّ أولى خطوات العلاج هي مواجهة الحقيقة، والحقيقة أن كورونا عدو شرس ومواجهته تستنزف الكثير من قُدرات العالم المالية والبشرية.. وفي ظل هذا الازدحام المعلوماتي، هناك شيء حقيقي واحد على صخرة وضوحه تكسّرت أحلام العنصريين بصناعة كانتونات بشرية معزولة، العنصريون الذين لا همَّ لهم سوى قطع كل طُرق التواصل بين المُجتمعات، لقد هُزموا ومعهم هُزم مُعتنقو نظرية المؤامرة وأن الغرب لا همَّ له سوى القتل! كورونا أثبت للجميع أن العالم قرية واحدة، وأن البشرية يجمعها مصير واحد على هذا الكوكب، وأن الهدف هو الحياة.. لقد وحّد الخوف الجميع، أصبح الهاجس الأول لهم كيف سننجو جميعاً!؟ هذا التسابق الذي يحدث في بلدان العالم من أجل البحث عن علاج للمرض، وهذا التعاضد الذي يحدث عن طريق سن القوانين التي تحمي الجميع يجب أن يُعيد لمُعتنقي فكرة المؤامرة بعضاً من عقلٍ فقدوه بسبب إيمانهم أن الآخر لا هم له في هذه الحياة سوى أن يقتلهم ويدمرهم!! ويجب أن تُعيد هذه الأزمة للعنصريين عقلهم الذي غاب عنهم طويلاً، خاصة من جعلوا من فكرة العُزلة حلاً ليواجهوا من خلالها مخاوفهم من الآخر، الخوف لا يبني حياة ومن اختار العزلة يجب أن لا يحاول أن يفرضها على الآخرين.. أخيراً.. الدروشة، وتخدير العقل، والتعلّق بالوهم لن تكون حصان طروادة الذي بسببه سننتصر على هذه الجائحة، ولن تكون هناك سفينة نوح أُخرى، هنا الواقع فقط، والواقع أن كورونا أزمة حقيقية تُهدد الجميع، مواجهة الأزمة تحتاج الجميع، وبالجميع ننتصر. * كاتب سعودي [email protected]