دعا وزير الصحة الفرنسي سابقا برنارد كوشنير، إلى ضبط النفس قبل كل شيء من أجل مواجهة الوضع الخطير الذي تواجهه فرنسا ودول العالم جراء الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد، والتحلي بالهدوء ليتسنى التعامل مع الفيروس. ويرى كوشنير أن الانتقال إلى المرحلة الثالثة من «كوفيد-19» أمر لا مفر منه، لكن لا يجب أن يسبب ذعراً يؤدي إلى نتائج عكسية. وقال كوشنير في حوار خص به صحيفة «لو الباريزيا Le Parisien» الفرنسية، بخصوص انتشار كورونا في العالم وخصوصا في فرنسا التي تطور الوضع فيها بشكل سريع مع انتقال العدوى وغير متوقع في ظرف أسبوع واحد: «الوضع يبين وجود عدوى على نطاق شاسع. لا يوجد شيء مأساوي حول هذا القرار. ولا يجب القلق والتوتر، وعلى الفرنسيين الوثوق بتعليمات السلطات الصحية»، مضيفا: «المخاطرة هي في الذعر الجماعي غير المناسب، فالقلق ليس عاملا جيدًا أبدًا. والتعقل والهدوء مهمان لمحاربة الوباء والخروج منه بأقل الأضرار». وحول اختلاف كورونا عن بقية الأوبئة، أوضح كوشنير أن جميع الأوبئة لها مراحل مختلفة وطريقة انتشار، لكن الفيروس التاجي معمر وسريع الانتقال والعدوى، ويستهدف الأشخاص الكبار المتقدمين في السن والأكثر عرضة للهشاشة، لذلك على السلطات وأصحاب القرار والمواطنين أخذ الأمر على محمل الجد، ويتم اليوم تنفيذ التدابير العازلة وتجهيز المستشفيات. أما في ما يخص الإستراتيجيات التي يمكن اعتمادها في مثل هذه الحالات، أكد أنه «يبقى الآن وضع إستراتيجية وطنية ودولية رئيسية مع الأطباء وحتى المتخصصين منهم لأنه من الواضح أن المستشفيات لن تكون قادرة على استيعاب جميع مرضى الفيروس التاجي. فلذلك على الأطباء لعب دور في هذه المرحلة». وعن الآلية التي يمكن اعتمادها، يرى كوشنير أنه «يجب التأكد من أن يكون الأطباء لديهم التجهيزات الضرورية من أقنعة ومعدات المناسبة، كما ينبغي أن يكون كل طبيب قادراً على إجراء اختبارات تشخيصية، وأن يكون لديه طبيبا مراسلا في المستشفى، من أخصائيي أمراض الأنف والأذن والحنجرة، وتقع عليهم أهمية إدارة الوباء». وأضاف: لا ننسى أن «أطباء الأسرة» يتمتعون بثقة السكان، وسيكونون على الخط الأمامي لطمأنة المرضى، وخصوصا كبار السن. نحتاج إلى إشراكهم أكثر في مواجهة الفيروس. وحول سؤال عن التدابير الاحترازية التي اتخذتها السلطات الفرنسية كإلغاء التظاهرات التي تضم تجمهرا لأكثر من 5000 شخص، قال كوشنير إن الفرنسيين استجابوا بشكل جيد، فتنفيذ تدابير المنطق السليم دون ذعر ليس بالأمر السهل، خصوصا في عصر القنوات الإخبارية المستمرة، مضيفا «كنت وزيرا وانتشر ما عرف بالجمرة الخبيثة وكنت أبلغ عن الوضع كل يوم في وقت محدد، كما هو الحال بالنسبة لفيروس كورونا. أعلم أنه يسبب القلق أيضا. لكن الفرنسيين رائعون ولهم الحق في معرفة ما يجري في البلاد». وكان كوشنير قد أصدر في 2002 -عندما كان وزيرا- ما يعرف في فرنسا ب«قانون حقوق المرضى»، وهو ما يعيد للواجهة حق المواطن أثناء انتشار فيروس فتاك مثل كورونا وما يترتب عليه من حقوق، كشفافية المعلومة والحق في الحصول على أفضل رعاية، ما يضمن الحفاظ على ثقة السكان للتقليل من عدد المرضى". يذكر أن برنارد كوشنر، طبيب ومختص في قانون حقوق المرضى وتقلد منصب وزير الصحة بفرنسا ثلاث مرات، وواجه العديد من الأزمات الصحية، في فرنسا وحول العالم مع المنظمات غير الحكومية التي شارك في تأسيسها.