دعت الجمعية السعودية للوبائيات وزارة الصحة والجهات المختصة الى اعتبار مرض كورونا وباء من أجل وضع تدابير أفضل لمواجهته. وقالت الجمعية في بيان أن ما يتم كشفه والتبليغ عنه حاليا من حالات الإصابة لا يمثل سوى قمة جبل الجليد الذي لا يعرف حجمه الحقيقي حتى الآن. بما يستدعي تدارك الموقف ووضع التدابير الكفيلة بالوقاية محليا وإقليميا. د. الزهراني ل «الرياض»: لم تثبت فعالية أي لقاح.. والإصابات في ازدياد كبير واشارت الجمعية الى أن عدد الحالات المؤكدة مخبرياً والحالات التي ينطبق عليها تعريف المرض التي أعلنت عنها وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية ومنظمة الصحة العالمية حتى الآن في تزايد مستمر منذ تشخيص الحالة الأولى في إبريل عام 2012م مع ظهور بؤر جديدة وفاشيات في عدد من مدن المملكة. ومايزال الوضع الوبائي غير مكتمل المعالم إلا أن نسبة الوفيات العالية وانتشار المرض بين العاملين في القطاع الصحي يشير إلى انتقال المرض بين البشر وأن هناك أعدادا غير معروفة من الحاملين للفيروس ممن لم تظهر عليهم العلامات السريرية قد ينقلون المرض بين فئات أخرى. واوضحت جمعية الوبائيات أن المختصين في علم الأوبئة يعرفون الوباء على أنه ظهور حالات لمرض معين بمعدلات أكثر من المعدل الطبيعي في مجتمع أو منطقة معينة خلال فترة أو فترات زمنية محدده. وقد يستخدم مصطلح فاشية أحياناً بدلاً من وباء خصوصاً في المراحل الأولية للوباء. وعندما يتعدى الوباء الحدود الجغرافية للبلد الواحد أو المنطقة التي ظهر فيها للمرة الأولى وعند تعدد بؤر الوباء في عدد من الدول فإنه يطلق عليه مصطلح جائحة يتطلب الامر عندها اتخاذ إجراءات احترازية أكبر لمواجهته. وترى الجمعية السعودية للوبائيات أنه أصبح لزاماً على المعنيين في وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية تشكيل فرق لدراسة هذا الفيروس وأن تشرك جميع الجهات العلمية ومراكز البحوث المحلية والعالمية وأن يتم دعمها وتمكينها من القيام بالدراسات الميدانية والسريرية والمخبرية وأن يشمل الفريق العلمي جميع التخصصات المرتبطة بدائرة الوباء ومنهم علماء الأوبئة السريرية والوبائيات الحقلية وأخصائيي مكافحة العدوى وعلماء الفيروسات وعلماء البيولوجيا الجزيئية وأطباء الأمراض المعدية والأطباء البيطريين وعلماء الحيوان وغيرهم. كما يجب التعرف على بؤر المرض ومعرفة ما إذا كان الوباء لسلالة واحدة من الفيروس أو لعدد من السلالات ومعرفة خصائص الفيروس الجديد، والقيام بمسوحات سيريولجية لتقييم الوضع العام ودراسات مقارنة لمعرفة كيفية انتقال المرض بين المصابين وتقييم الإجراءات الوقائية في القطاعات الصحية الحكومية والأهلية للتأكد من الالتزام بقوانين ومتطلبات مكافحة العدوى. بالاضافة الى ضرورة نشر الوعي الصحي وثثقيف أفراد المجتمع بطرق الوقاية السليمة وإطلاعهم بحقيقة الوضع حتى لا يسود القلق والهلع بينهم وعدم تهويل المرض بطرق غير مبنية على حقائق علمية. وفي حديث ل "الرياض" قال رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للوبائيات الدكتور علي بن سعيد الزهراني ان الأمراض السارية والمستجدة تتسبب في مفاجآت سواءً على شكل أمراض جديدة أو أمراض معروفة تظهر بطرق جديدة. وقد تبين ذلك جلياً عند ظهور المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة المعروفة ب سارس (SARS) حيث بدأ أن جميع الدول معرضة للإصابة بالمرض وصاحب ذلك أعباء مالية ضخمة إضافةً للهلع الذي لحق أفراد المجتمع في عدد من الدول نتيجة عدم معرفتهم بحدود الخطر الذي يواجهونه خصوصاً عند بداية الوباء. وعندما تظهر أمراض وخيمة مجهولة المصدر فإن أثقل الخسائر تلحق بالعاملين في قطاع الرعاية الصحية وقد يصاب الجهاز الصحي بالشلل التام في بعض الأحيان. ومن الممكن أن يتكرر هذا الوضع دون سابق إنذار وذلك عندما تواجه الدول ظهور مرض جديد أو جائحة مستجدة كما هو الحال مع متلازمة الشرق الأوسط التنفسية. واضاف: تتشابه السمات السريرية لمرض فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية إلى حد ما مع سمات المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (SARS). وفي مرض فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية كانت الحمى والسعال وضيق التنفس هي الأعراض البارزة لدى المرضى الذين تم التعرف عليهم وعلاجهم في المستشفيات. كما تم تسجيل أعراض أخرى مثل الصداع وألم عضلي وتوعك عام. وكان الفشل التنفسي أبرز المضاعفات حيث توفي أكثر من ثلث المرضى الذين تأكدت إصابتهم بالمرض منذ بداية ظهوره في إبريل نيسان 2012م كما لم تثبت فعالية أي لقاح أو عامل محدد مضاد للفيروسات حتى الان. وتم تسجيل أكثر من 300 حالة مؤكدة مخبرياً على مستوى المملكة، كما ظهرت حالات متفرقة في المملكه المتحدة وفرنسا وألمانيا والاردن وقطر والإمارات وتونس وغيرها، وقد تم وصف المسبب بأنه نمط جديد من الفيروسات التاجية. وأشار د. الزهراني الى ان فيروسات كورونا تنقسم إلى ثلاث مجموعات (ألفا) و(بيتا) و(جاما) وكل مجموعة بها فيروسات تصيب حيوانات مختلفة. وتنتمي الفيروسات التي تصيب الخلايا البشرية إلى مجموعتي ألفا و بيتا فقط. وهناك نوعان من فيروسات كورونا عرفت بإصابتها للإنسان منذ منتصف القرن الماضي، النوع الأول ينتمي إلى مجموعة ألفا ويعرف باسم (229E) والثاني ينتمي إلى مجموعة بيتا ويعرف باسم (OC43) وكلاهما يسبب التهاباً محدوداً في الجهاز التنفسي (الزكام المعتاد)، وأحياناً يصيب الجهاز الهضمي. ودعا رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للوبائيات الى نشر الوعي الصحي الصحيح حول المرض بما يكفل تقلص انتشاره والوقاية منه ويساهم في السيطرة عليه.