هكذا هطلت المجرة بما جدبت، رغماً عنها!! هكذا تساقطت على وجهي النيازك وأنا أنظر لأعلى دون أن ترف عيني أو يخفق قلبي. واتسع الكون في لحظة وأصبحت النجوم زهر تُباع شمس أصفر أُلقِيت كباقة ورد تناثرت على ماء السماء، وهكذا رويداً رويدا حتى سُرقتُ من مكاني. عقدتُ مع مواثيق الأرض المتصالحة أن لا شيء مستحيلا حين نحب، ولا شيء غير ممكن حين نحب، وأننا بميثاق هذا الحب سنعبر الدنيا بصخورها الضخمة ومحيطاتها الغارقة وكوارثها الطبيعية وحروبها ومصائبها وما نامت عليه وأصبحت. تعلقتُ وذلك لم يكن اختياري، وأنا التي اعتقدت بأني تعودت فقط!! التعلق أشد وقعاً علينا من التعود؛ لأنك وقتما تتعود سيكون روتيناً أو ضرورياً أو لازماً، أي كأنك تتعامل مع يوم، أو قهوة أو عمل أو صديق، لكن إذا تعلقت يعني أنك أصبحت ملتصقاً منغمساً لا يمكنك الفرار أصلاً من مصيرك ومن لهفتك ومن نفسك. تشعر أن قلبك ينتظم وأنفاسك تبرد ولونك يُذهَّب، وعينيك تبرُق وكُلك ينبت من جديد. عندما تتعلق ترى اليوم العادي مبهرا، والإنجاز البسيط مدهشا، وترى أنهُ عليك أن تكون مميزاً، وتحاول بقدر ما لم تستطع فعل الممكن والمستحيل. وكأنك تثبت لنفسك أنك جدير جداً بهذا القلب. التعلق أشد من القتل أحياناً، فقلبك ليس في مكانه، وروحك تطير بعيداً عنك، وعقلك متشبث بأشياء تخصه أولاً لا تخصك حتى ثانياً. أتعلم !! لقد عَلِقتْ ملامحك في راحة يدي فأنا أنظر لباطنها بشغف وقتما أشتاقك، أتحسسك وكأنك صنعت هذا الصُنع من أجلي. وُضِعَ حاجبُك بهذا الشكل؛ لأني أحب هذا، ورُسم فمُك بهذا الشكل؛ لأني أحب حتى لونك!! أنت لونك كما أحب. فأنا أشبهك كثيراً، ودائماً أتساءل من أين لي بمن يشبهني لهذا الحد من الانطباع والتطبع!! في حال أنك رحلت؟! وهذا التساؤل المنقطع لايأتي إلا بمخاض ألف إجابة فاقت حدود العقل والإنهاك. فالثقة التي تكون في رحاب واسع لا يثنيها ظرف، ولا معضل ولا حتى قرار. هي كالسجون التي عُرِفت على العالم بأنها أكثرها سداً وامتناعاً؛ كل من أراد الهرب منها فشل. وهكذا أنت وأنا لن نستطيع عبور بعضنا البعض مطلقاً، فكل محاولاتنا باءت بالفشل. أتعرف لماذا؟ لأنك امتدادي والحياة التي خرجت من عمق حياتي، وتعلقت في عنقي .. لأنني أتلبسك دون جدوى لأي رقية ولا محاولة بأن أنفصل. وهكذا والنيازك تقع وأنا أنظر دون خوف بأن أقوى ما يمكن أن يكون لن يتمكن مني. ولأن الثبات الذي يكون داخلي هو ما يجعلني مما ترى ثابتة ويقينية وتريدك!