فتحت حادثة اختطاف الخنيزي والعماري في طفولتهما ثم عودتهما إلى أحضان أسرتيهما بعد غياب استمر لنحو عشرين عاما، جراح عائلات وأسر تعرّض صغارهم إلى الخطف، كما فتحت آمالا كبيرة في إمكانية عودتهم. صحيح أن خطف المواليد من المستشفيات، حالات محدودة ومعزولة، دون أن تصل إلى حد الظاهرة لكن نتائجها تبقى مخيفة ومقلقة، لربما تتسبب في فراق دائم لا يبرأ جرحه لدى الأمهات اللائي فقدن صغارهن الرضع في ثوان. وتسلط جريمة اختطاف رضيعي الشرقية، وعودتهما من رحلة الطفولة إلى سن الشباب، تسلط الضوء على نظم حماية المواليد في المستشفيات والإجراءات المتبعة لمواجهة مثل هذه الحوادث الفردية المقلقة والطرق والوسائل المتبعة لمنع وقوعها في المستشفيات العامة والخاصة، منها نظام السوار الأمني الذي يوضع على كاحل الطفل وعلى يد والدته وبمجرد ابتعاد الرضيع عن المساحة المحددة إلكترونيا تنطلق صافرة إنذار وتنبيه عن خطر محتمل، ومن التدابير الصارمة التي وضعتها الأجهزة المختصة أنه لا يمكن نزع السوار إلا بواسطة المختصين. وتعتمد منشآت أخرى على كاميرات مراقبة، وبوابات أمنية يتم فتحها عبر أنظمة قارئات البطاقات أو بتنظيمات داخلية تعتمد على الحراسات مع تنظيم الدخول والخروج ومنع خروج الرضع إلا وفق إجراءات رسمية تقف عليها كاونترات التمريض بصفة مباشرة وتتم عبرها بعد اعتمادها من الأطباء. وكانت المستشفيات اعتمدت أخيرا تسجيل بصمة قدمي المولود وتقييدها ضمن سجلات رسمية وتشكل قاعدة معلومات عند الحاجة. «نور» خطفوها في مستشفى وأعادوها في آخر! آخر حوادث اختطاف الأطفال سجلتها محافظة جدة في 2019 بعد أن أقدمت سيدة على اختطاف الرضيعة نور من داخل غرفة والدتها في أحد المستشفيات الخاصة، وفضحت كاميرات المراقبة ملامح الخاطفة التي ظهرت بزي طبي شبيه بأزياء الطاقم التمريضي. وشوهدت الجانية تخرج من غرفة والدة الطفلة المخطوفة بعد أن أخذتها من والدتها بحجة تسليمها للطبيب للكشف عليها، ورصدت الكاميرات مغادرة الخاطفة للمستشفى عبر مصعد العاملين وهروبها في سيارة كانت تنتظرها وخلال 36 ساعة، عادت نور إلى أسرتها، بعدما عثر عليها في صالة مستشفى آخر، وتركت الخاطفة ورقة صغيرة عليها رقم هاتف والد نور، وعبارة: «الرجاء الاتصال عليه». في واقعة في 2/12/1438 أُختطف مولود بمستشفى الملك خالد بالخرج، وأعلنت وزارة الصحة أن كاميرات المستشفى والتقنية ساعدتا الجهات الأمنية في إعادة المولود والتعرف عليه والقبض على الخاطفة، والتي كشفت أنها تعاني من العقم، وكانت ترغب في تبني الطفل لمعاناتها مع صعوبة الإنجاب. «شوق».. استدرجتها الجانية ب «حلوى» في يوم السبت 17 شعبان 1438 أُختطفت «شوق» ذات العامين من داخل مركز تسوق بمنطقة الرياض، جلست الخاطفة جوار الطفلة واشترت لها حلوى ثم اصطحبتها إلى خارج المتجر ولم ترصد الكاميرات الواقعة وانحصر الاشتباه في امرأة (23 عاماً) وأقرت باستدراج الطفلة واصطحابها لإحدى الشقق السكنية جنوب العاصمة، وتبين أنها على علاقة بأحد الأشخاص قبض عليه هو الآخر. وتعرضت الطفلة «جوري» للاختطاف من مستوصف شرقي الرياض، ورصدت كاميرات المراقبة تفاصيل العملية، وبدأ الجاني بمداعبة الطفلة قبل أن تختفي عن الأنظار، وبعد 11 يوماً تمكنت شرطة الرياض من العثور عليها في إحدى الشقق بمنطقة حي إشبيلية شرق العاصمة، وبعد رصد الجاني اتضح أنه خطير ومطلوب في قضايا عدة وتمت مباغتته والعثور على الطفلة بصحة جيدة. وفي حادثة أخرى اختفى طفل في عمر 3 سنوات في حي البادية في حائل، وبعد أيام من البحث المكثف لرجال الأمن، تم العثور على جثته متحللة في الصحراء ملقاة قرب قرية نقبين 20 كلم شمال حائل وبالتحقيق تم الكشف عن اختطاف أطفال آخرين من نفس المدينة من أحد الشباب الذي كان يعتدي عليهم ومن ثم يتركهم. وفي يوم الاثنين الموافق 21 /12 /1430ه تم تنفيذ حكم القتل والصلب في حق خاطف الأطفال. Hugs و Kisses وأبواب ممغنطة شهدت وزارة الصحة في الأعوام الماضية إقرار نظام حماية المواليد من الاختطاف والتبديل أعلن عنه في يوليو 2012، ويتكون من محورين؛ نظام (Hugs) المعني بحماية المواليد من الاختطاف، ونظام (Kisses) الذي يحمي المواليد من الخلط. والنظام عبارة عن ربط إلكتروني بين المولود وأمه؛ إذ يتم وضع سوارين إلكترونيين أحدهما في الأم والآخر في المولود ثم يتم ربط الجهازين عن طريق تعريفهما إلكترونياً وربطهما بنظام متابعة بوحدات المستشفى. ونجحت وزارة الصحة في تركيب نظام حماية المواليد الإلكتروني في مستشفيات الولادة بوزارة الصحة عقب اعتمادها من اللجنة المشتركة لاعتماد المنظمات الصحية التي تسعى الكثير من المستشفيات للحصول على اعتمادها لإثبات جودة الخدمة المقدمة من المستشفى. وعملت وزارة الصحة على اتخاذ عدة إجراءات للحد من ظاهرة خطف المواليد تتمثل في توعية العاملين والمراجعين، وإبقاء الأطفال في الحضانة خلال الزيارة مع وضع حاضنة الطفل بعيداً عن الأبواب والاعتماد على كاميرات مراقبة، وأبواب ممغنطة بأقفال، وزي موحد للعاملين، وبطاقات تعريفية للعاملين، وعدم تسليم الطفل إلا لوالدته بعد التأكد منها وعدم تسليمه لأي شخص آخر. خبير أمني: حذار من الساعات الخطرة كشف الخبير الأمني اللواء المتقاعد مسفر الجعيد عن اعتماد تطبيق إجراءات أمنية تعتمد على التقنية الحديثة لمنع حوادث اختطاف الأطفال من المنشآت الصحية؛ منها زرع كاميرات المراقبة داخل وخارج أقسام الحضانة ويتم ربطها مع غرف الحراسات الأمنية. واستدرك قائلا: «لكنها لا تكفي لمنع ضعاف النفوس من تنفيذ جرائمهم»، وأضاف أن كثيرا من المستشفيات طبقت تصاميم هندسية خاصة بأقسام الولادة والحضانة ليسهل على الممرضات والعاملات في تلك الأقسام مراقبة عمليات الدخول والخروج. وشدد الخبير الأمني على ضرورة أن تقترن الأساليب الحديثة من مراقبة وكاميرات بتدريب وتأهيل العناصر البشرية المسؤولة عن الأمن داخل المنشأة ليتم خلالها فحص الوجوه وفرزها واتخاذ إجراءات أمنية في الوقت المناسب التي تعتمد على حسن التصرف وسرعته، بالإضافة إلى الاهتمام بالتواجد الدائم في أقسام الحضانات عند فتح مواعيد الزيارة وعدم الاعتماد على كاميرات المراقبة فقط. وأفصح الجعيد عن وجود أوقات خطرة في أقسام الحضانة والمواليد تتمثل في ساعات الزيارة والساعات المتأخرة من الليل إذ تهدأ الحركة وتخف المراقبة الأمنية ما قد يشكل دافعا لضعاف النفوس، لذا يجب الاعتماد على الإغلاق الكامل للأقسام في تلك الأوقات ويكون الدخول إليها أما عبر الأنتركوم وهو جهاز اتصال يتم الرد عليه من قبل العاملين داخل القسم.