كانت اللغة العربية لغةً محكيةً مرتبطةً بسليقة أهل الجزيرة العربية، تثريها بيئتهم بما يناسبها من تعابير وألفاظ. ومع اتساع رقعة بلاد المسلمين، وشروعهم في بناء الدولة، كثُرت المراسلات بينهم، وقادت فتوحاتهم شعوباً لم تنطق العربية قط، فصارت الحاجة ملحة لضبط قواعد اللغة العربية حفظاً لها مما يخالطها من الشوائب التي تشوبها.. وقد كان ذلك أمراً شبه مستحيل، لولا وجود عدد من علماء اللغة الذين رهنوا حياتهم لها، ومن هؤلاء: محمد بن يزيد بن عبدالأكبر، المعروف بالمبرَّد، ولد سنة (210ه)، ضليع في علوم البلاغة والنحو والنقد. جار الله، أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري، من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب. ولد في زَمَخْشَر يوم الأربعاء 27 رجب سنة 467ه/1074م في تركمانستان، وتوفي ليلة عرفة سنة 538ه/1143م في جرجانية خوارزم، بعد رجوعه من مكة، برع في الآداب، وصنف التصانيف، وَرَدَ العراق وخراسان، ما دخل بلدا إلا واجتمعوا عليه، وتتلمذوا له، وكان علامة نسابة. مؤلفاته أبرزها أساس البلاغة، المستقصى في الأمثال، الفائق في غريب الحديث، مقدمة الأدب وهو قاموس من العربية للفارسية، القسطاس في علم العروض، المفصل في صنعة الإعراب، الأنموذج، المفرد المؤلف، مشتبه أسامي الرواة، تفسير الكشاف المشهور، الرائض في علم الفرائض، أطواق الذهب في المواعظ، كتاب النصائح، مقامات الزمخشري. «أساس البلاغة» يعد الكتاب من أهم المعاجم اللغوية القديمة التي تهتم بالألفاظ العربية وبلاغتها؛ فقد ذكر فيه المصنف المجازات اللغوية والمزايا الأدبية وتعبيرات البلغاء، ورتب مواد الكتاب ترتيباً ألفبائياً على حسب حروف المعجم. وتتمثل طريقة عرض المؤلف للكتاب في أنه يشرح الكلمة في العربية، مُطعماً الشرحَ بالقرآن والأحاديث النبوية، وبالأشعار والأمثال العربية، ثم يذكر الاستعمالات المجازية للكلمة المشروحة.