الخوف غريزة لدى الإنسان، تتفاقم هذه الغريزة كلما استشعر خطراً داهماً على حياته أو بقائه أو وجوده، يتحول معها وعندها هذا الإنسان إلى كائن غير عقلاني وكتلة مشتعلة من الخوف والرعب والهلع. في السنوات الأخيرة تكررت بعض الأمراض والأوبئة في عدد من مناطق العالم، تصاحب هذه الأوبئة حملات إعلامية غير مدروسة وغير منضبطة دفعت الناس في الأحيان إلى التخلص من الطيور والأغنام والأبقار والإبل التي يملكها استجابة لهاجس الخوف الذي أشعله الإعلام. ثم لا تلبث هذه الأوبئة والحملات الإعلامية المصاحبة أن تتحول إلى زوبعة في فنجان، فلا تجد لها أثراً على أرض الواقع، وأن ضحايا ذلك الوباء لا يتجاوزون أصابع اليدين الاثنتين، ولا يستدعي إعلان حالة الطوارئ محلياً أو عالمياً. من حين لآخر، تنبعث رائحة تزكم الأنوف مصدرها بعض شركات الأدوية ورجال الأعمال أو بعض الأسماء المحسوبة على مرجعيات طبية وصحية عالمية بالإضافة إلى دوائر سياسية واستخباراتية تقف وراء بعض تلك الأزمات في سبيل دعم شركات الدواء لتلك البلدان، أو على سبيل الحروب البيولوجية أو على سبيل الحروب النفسية. هذا لا يعني، بطبيعة الحال، أن وراء كل وباء أو حملة أوبئة إعلامية جهات مستفيدة ومصلحة أو مؤامرة. فالأمراض والأوبئة والمشاكل الصحية تظهر من حين لآخر أو تعاود الظهور أو أن تتجدد بأجيال جديدة من الفيروسات نتيجة لعوامل بيئية أو مواد غذائية أو سلوكيات غذائية سواء كان مصدرها الإنسان أو الحيوان. منظمة الصحة العالمية كانت حاضرة بقوة حتى في غيابها في كافة المشكلات الوبائية التي مر بها العالم، لكن حضور المنظمة وغيابها كان مخيفاً ومرعباً أحياناً. تعد منظمة الصحة العالمية ومسؤولوها مرجعية في كل المشكلات الوبائية العابرة للحدود وغيرها، لكن منظمة الصحة العالمية WHO، لم تنجح بأن تكرس مرجعيتها الصحية في تأسيس وتعزيز مرجعيتها في الإعلام الصحي. لم تستطع أو لم تنجح المنظمة بأن تنسجم وتتناغم إعلامياً مع حجم وأهمية مرجعيتها الصحية. لم تستطع منظمة الصحة العالمية أن تجيب على الأسئلة الكبيرة في وقتها ومكانها الصحيحين. لقد فشلت منظمة الصحة العالمية إعلامياً في التعاطي مع المشكلات الصحية المهمة مثل إنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير وجنون البقر وكرونا الأولى وأخيراً كورونا المستجدة. ولم تستطع منظمة الصحة العالمية إعلامياً استناداً إلى تجربتها الطويلة مع الأوبئة أكثر من أن تكون مؤسسة تحصي الوفيات والإصابات وأن تكون عداداً لتنقل المرض من بلد لآخر ومن رقم لآخر. ولم تنجح منظمة الصحة العالمية في أن تقنن حالات الهلع والخوف وأن تجعله هلعاً وخوفاً إيجابياً ومقبولاً يعرف من خلاله الإعلام ووزارات الصحة في العالم والرأي العام كيف يترجم هذا الخوف إلى وقاية صحيحة مبنية على معرفة وليست وقاية مبنية على الجهل وأن ترفع الوعي بما يجب أن يفعل الفرد وما يجب ألاّ يفعل تبعاً لهذا الوعي. أخيراً، إلى وزارة الصحة السعودية، أين وصلت مختبرات الصحة؟ وما دور مختبرات الصحة السعودية في كورونا الأولى وكورونا الثانية؟ وهل لتلك المختبرات الصحية مشاركة في المشكلات الوبائية العالمية؟ * كاتب سعودي [email protected]