الأم المربية سعدية أحمد رأفت.. يا من صاحبتني في طفولتي وصباي، وعلمتني مبادئ الحروف، وسهرت إلى جانبي وأنا مريضة، يا من رافقتني في كل مراحل حياتي. أتذكر كيف قلقتِ علّي، وكيف كان نصحك لي، أتذكر كم كنت مجادلة معك ولا أقتنع بسهولة، وكيف كنتِ تساندينني في رغباتي الجامحة، وتعليمنني معني الكرامة والاعتداد بالنفس. وذلك من خلال موقف حدث لي ولم أبلغ العاشرة من العمر عندما تعرضت للتوبيخ من إنسان بالغ ليس له حق في ذلك، فذهبتُ باكية أشكو لك وكان أن أخذتِ لي حقي منه، وأجبرته على الاعتذار لي، وكم كنتُ سعيدة أفتخر بأن لي أمّاً مثلك يحسدني عليها رفيقاتي. في المقابل كنتُ أعاندك في بعض الأمور، الآن فقط أدرك تعبك ومجهودك معي بعد أن أصبحتُ أمّاً ولي أطفال في سن المراهقة، لم أكن معهم في مثل صبرك معي ولا صداقتك لي وكم هو صعب التعامل معهم، وأقارن بين حبك لي وغضبك علي، وأندم على أني لم أكن بجانبك في وداعك الأخير وكيف بكيت على فراقك وأندم على كل دقيقة أو ثانية لم أستطع أن أقضيها معك. أدركت الآن فقط مدى معاناتك وتعبك في نشأتي، وذلك بعد أن لمست بنفسي مع أولادي كيف كنتُ مقصرة وقليلة الصبر بالمقارنة بك يا أمي الحبيبة في التعامل معي، وهناك مواقف وقصص كنتِ أنتِ نعم الناصح والدليل. لم أدرك مغزاها إلا بعد أن كبرت وعزائي الوحيد يا أمي أني أذكرك دائماً في ركوعي وسجودي، وأدعو الله دائماً أن يؤجرك خير الأجر على ما قمتِ به لنا.