دعوني أعود بكم لسنوات مضت وتحديداً في ما يتعلّق بطريقة تملّك عقار من خلال التمويل البنكي «قرض عقاري»، إذ كان المواطن في تلك الفترة يجتهد انتقاء للمسكن الذي يرغب بتملكه، ورغم ذلك يقع العديد منهم في فخ وضعه لهم بائعو العقار ممن يحرصون على الاهتمام الشكلي بالتصميم والديكور لجذب اهتمام المقبل على الشراء ليوقع العقد رغم المغالاة في القرض الأساسي وفوائده، خلاف الدفعات المقدمة والرسوم الإدارية وغيرها. بعد مدة قد لا تطول يأتي المشتري غضبان أسفا متذمراً من عيوب المسكن، فالتشققات الأرضية وسوء البناء ورداءة الأدوات الصحية المستخدمة التي أخفتها التصاميم والديكورات، عندها يكون مضطراً لأن يتحمّل تكاليف الإصلاحات التي تتطلب مبالغ طائلة بعد أن أرهق نفسه مسبقاً بقروض وديون لشراء منزله. ولو ابتعدنا عن العواطف سنجد أن المسؤول الأول والأخير عن الوقوع في مثل هذه الحالات، هو المشتري، فحسب العقد يقتصر دور البنوك على الصيانة الأساسية فقط، والمشتري مستأجر حسب ما تنص عليه بنود العقد المبرم بينه وبين البنك، وللأسف فقد وجد بعض بائعي المنازل ضالتهم في مثل هذه المشاريع الكرتونية، بل وصلت أرباحهم إلى أرقام فلكية على حساب المواطن المغلوب على أمره، كذلك سوء الرقابة في السنوات الماضية أدى إلى ظهور رداءة في الإنشاء وتزايد أعداد المتضررين منها. إلا أن الدولة ممثّلة في وزارة الإسكان، وضعت حداً لمثل هذه التجاوزات في البناء السكني، فأطلقت قبل أكثر من عام منصّة «البناء المستدام»، التي تأتي ضمن سلسلة من البرامج والمبادرات التي تدعو إلى الفخر والاعتزاز، إذ تتيح هذه المنصة العديد من الخدمات، يأتي أبرزها فحص المساكن قبل وبعد إنشائها وتقديم شهادة وتقرير يفيد بجودته وسلامته، ليصبح المقبل على الشراء أو حتى البناء أمام فرصة للتحقق من جودة مسكنه عبر مبادرة حكومية تحت إشراف مهندسين مختصين وبرسوم رمزية، بعد أن كان في السابق غير قادر على تحديد مدى جودة مسكنه من عدمها. كما أن الوزارة وعبر برنامج «سكني» توفّر 125 ألف وحدة سكنية بالشراكة مع مجموعة من المطورين المؤهلين والقادرين على تنفيذ مشاريع متكاملة وذات جودة مناسبة، كما أنها تعمل باستمرار على متابعة سير تنفيذها ومراحل إنجازها في سبيل ضمان توفير وحدات سكنية للمواطنين، خلاف السعر المناسب الذي لا يتجاوز 750 ألف ريال ويبدأ من 250 ألف ريال، لذلك وحتى لا تقع في الغش بعد شراء وحدة سكنية أياً كان نوعها ذات تنفيذ رديء، عليك أن تتحرى أيها المشتري قبل انتقاء مسكنك وعليك الاهتمام بالحصول على شهادة البناء المستدام من وزارة الإسكان، بدلاً من أن تجد نفسك عرضة لغش تجاري من نوع آخر يتعلق بأحد أهم عناصر الحياة ألا وهو المسكن، أو الانتقاء من بين النماذج المتنوعة المتاحة عبر برنامج «سكني» إذا كنت ممن تنطبق عليه شروط الدعم السكني الحكومي. التصحيح الذي يشهده قطاع الإسكان يستحق التوقّف عنده، كما أن الدور الفاعل الذي يؤديه وزير الإسكان في إعادة هيكلة القطاع ومعالجة ما كان يحتويه من أخطاء أسهمت في جعل القطاع أكثر جذباً واستقراراً، وهذا ما يعكسه اليوم تزايد نسب التملّك السكني، فشكراً معالي الوزير. * كاتبة سعودية [email protected]