كثيراً ما يواجهني أصحاب المزاج الخاص في الغناء، أثناء تحضيري لحفلاتي هنا وهناك بطلب أغنية ما ومزاج غنائي ما في آن.. ودوما تكون إجابتي أن هناك أغنيات للمسرح، وأغنيات ثانية للجلسات، وثالثة لا تتخطى حدود الاستوديو، ورابعة صالحة لكل وقت ومكان. فمثلا أغنية الفكرين والمزاجين والكاتبين غالبا ما تكون واضحة معالمها في النص والصورة النهائية لها أو في أدواتها.. أي أن للمفردة المستخدمة ثمة أشياء متباينة، وقد تكون متوافقة، تخرج منها أغنية جدا جميلة ولكن تأطيرها وفكرتها النهائية يصعب عليّ غناؤها على المسرح. وعلى سبيل المثال أغنية «خطأ»، رغم أنني قدمتها مرات عدة على المسرح، وقد غنيتها لأول مرة على أحد مسارح القاهرة في منتصف السبعينات، فلاقت نجاحا جماهيريا كبيرا، إلا أنها من النوع الذي يصعب أداؤه على المسرح، ذلك كون نصها يحمل فكرين مختلفين، إذ كتب مطلع الأغنية الأمير الشاعر خالد الفيصل، ثم طلب من الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن إكمال النص.. والحال ذاته كان بالنسبة لأغنية «لورا» التي يطلب الجمهور في بعض الأحيان أن أغنيها على المسرح، غير أنها ولنفس العوامل الصانعة للنص لم أقدمها للمسرح، إذ إن ولادة النص كانت في السبعينات ضمن جلسة فنية جمعتني والشاعرين الأمير خالد الفيصل، والدكتور غازي القصيبي، إذ جاءت القصيدة كسجال بين الشاعرين الكبيرين، إذ كتب القصيبي: «ذاب من فرط حسنها الفنان لورا تلك لورا فداء لورا الغواني» فجاء رد الأمير الشاعر: «تتوارى عن العيون احتشاما وحنانا بمهجة الفنان أنت «غازٍ» ومثلها ينشد الرفق صوابا في لجة من حنان» ثم أكمل القصيبي يرحمه الله: «وتوارت تحت الحنايا فكانت نابضا في مشاعري وكياني» ثم تصرفنا في الصورة النهائية للنص، بتغيير بعض الكلمات، وقدمت في النهاية بصورتها التي تسمعونها.