منذ تأسيس جماعة الإخوان على يد حسن البنا بأموال ودعم استخباراتي بريطاني وضعت الجماعة السعودية كهدف استراتيجي لإزالة الريبة والشكوك عنها كجماعة عميلة، فإما أن تستطيع الجماعة استيعاب الدولة السعودية وجعلها جزءاً من مشروعها بل رأس حربة لتقويض أمن الدول الوطنية التي بدأت تتشكل أو في حالة فشل استيعاب السعودية أن يقوموا من جهة أخرى بمناصبتها العداء وتشويه دورها وتجريدها من كل الثقل الروحي الذي تتمتع به كحاضنة للإسلام والمسلمين والحرمين الشريفين. وسأذكر ثلاث قصص لمحاولات الجماعة والدول التابعة لمشروعها فيما بعد تبين كيف تحركت الجماعة كالأفعى ناعمة الملمس بمرشدها وسياسييها لاستيعاب السعودية على الأقل كسد مانع يقف أمام طموحاتهم فإن لم ينجح توجههم هذا فلا مناص من مناصبتها العداء جهاراً نهاراً، وكيف استطاع السعوديون من جهة أخرى قهر جماعة الإخوان وقهر الدولة التي تقاطعت معها ورأت مشروعها أداة لمد نفوذها وتحقيق أحلام الخلافة الزائفة!! القصة الأولى: «جاء المرشد المؤسس للجماعة حسن البنا للحج في مكة والتقى بالملك العظيم عبدالعزيز بن عبدالرحمن -يرحمه الله- محاولاً بخبث استيعاب الملك الداهية فقال له: يا طويل العمر أنا أريد أن أنشئ لي جماعة هنا عندكم. قال له الملك عبدالعزيز: يا طويل العمر أنا شعبي كلهم مسلمون أين تحط جماعتك؟٬ ما لهم مكان خل جماعتك عندك في مصر». والقصة الثانية: حدثت في عهد ابنه الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- عندما تخيلت الجماعة أن مشروعها قد نجح وتحصلت على عرش مصر عندما شكل الرئيس المصري الأسبق والمعين من الجماعة محمد مرسي لجنة رباعية لحل الأزمة السورية تضم مصر جماعة الإخوان وحليفيها الأقرب إيرانوتركيا ومعهما السعودية لأجل استيعابها وإضافة المشروعية على الأطماع الإيرانية والتركية في الأرض السورية فما كان من السعودية وعلى لسان وزير خارجيتها الأمير الراحل سعود الفيصل إلا أن رفض الانضمام لهذه اللجنة قائلاً في تصريح شهير إن «إيران هي لب المشكلة السورية ولا يمكن أن تكون جزءاً من الحل!!». والقصة الثالثة: في عهد ملك الحزم والعزم الملك سلمان -حفظه الله- عندما رأت الجماعة والدول الممثلة لها تركياوماليزيا وقطر أن مشروعهم في ما يسمى بالربيع العربي قد فشل فشلاً ذريعاً تحت براثن العقل السياسي السعودي، وبعد أن عقدت السعودية القمة الإسلامية الكبرى في مكةالمكرمة ليلة السابع والعشرين من رمضان الماضي وأكد البيان الختامي على ثوابت العالم الإسلامي وجمع الكلمة رأت الدول الثلاث أن لا مناص من تقويض جهود منظمة المؤتمر الإسلامي كأكبر منظمة بعد الأممالمتحدة، تحركت الدول الثلاث ماليزياوتركيا وقطر تحت تأثير الجماعة التعيس في عقد قمة ضرار لهذه الدول مع دعوة السعودية ودولتي باكستان وإندونيسيا -اللتين انسحبتا مؤخراً بعد انكشاف أهداف قمة الضرار- فما كان من الملك سلمان إلا أن رد على مبعوث الرئيس الماليزي العجوز مهاتير محمد وعلى اتصالاته المتكررة بالرفض التام للاستجابة لدعوته وأن أي اجتماع ينبغي أن يكون تحت مظلة منظمة المؤتمر الإسلامي وأن ميثاق المنظمة فيه من المرونة ما يسمح بعقد مثل هذه الاجتماعات دون القفز عليها!! وهكذا تستمر السعودية في قهر وإفشال محاولات ولجان وقمم الإخوان ودولهم عبر التاريخ سواء داهنوها أو ناصبوها العداء.