عزا أمين منطقة الباحة الدكتور علي السواط تدمير البيئة والتراث العمراني التقليدي في عدد من مناطق المملكة إلى ارتجالية قرار بعض البلديات، وعجزها عن استيعاب الإنسان والبيئة المحلية في التنمية، ما أشعر البعض أنها تمارس انتقاماً من البنية الثقافية للتنمية التي تشمل كل ما له علاقة بواقع الإنسان من حياة وأدوات إنتاج. وأكد السواط في محاضرته (التنمية من منظور ثقافي) التي نظمتها لجنة الثقافة والفنون ببلجرشي بالشراكة مع بلدية المحافظة على أهمية دمج الثقافة في السياسات التنموية واحترام التنوع الثقافي وتمكين المثقفين من صناعة القرار التنموي. ولفت إلى دور المثقفين الابتكاري والإسهام في إيجاد حلول إبداعية وابتكارية ليصبح لديها دور فعال وحقيقي في التنمية. وعدّ الحفاظ على الهوية والنمط العمراني للمناطق من أبرز مهمات الأمانات والبلديات لارتباطه الوثيق بالأنسنة ولكون المشاريع التنموية التي تستجيب للثقافة تحقق فوائد عملية للمجتمع. وأوضح أن الرؤية الوطنية بالتحول الذي يبدأ مطلع 2020 يقوم على أنسنة المدن وتوجيه بوصلة التنمية نحو تحقيق غاية ترسيخ هوية المنطقة وتفعيل دور المواطن المثقف باعتباره شريكاً وراسم سياسات تنموية. وتحفظ السواط على انطباع بعض التكنوقراط عن المثقف بأنه ناقد وحالم وجريء، ولذا لا يعتد البعض برؤيته التنموية التي تقوم على معطى واقعي وغير خيالي، مشيراً إلى أن التكنوقراط يهربون من مواجهة المثقفين إلا أن الواقع أكد أن التنمية تحتاج إلى أحلام وتطلعات وخيال مع تعزيز الثقافة لتكون سمة يومية وشعبية متماسة مع الحياة تقود التنمية في الحقل والمصنع والمتجر مثل ما كانت منذ عقود ظاهرة اجتماعية. وحمّل الطفرات والوفرة مسؤولية الإخلال بمنظومة مجتمع الإنتاج ما جعل الحفاظ على التراث والبيئة من معوقات التنمية عند الماديين المعزولين عن الوعي الثقافي والحضاري للبلدان المتحضرة. وقال السواط: يظن البعض أن التحولات تعني التطوير بينما هي تغيير شامل في الفكرة والتطبيق كون المعالجات الآنية تستهلك الجهد والوقت والمال، مؤكداً على أن التنمية لن تنجح إلا في ديباجة ثقافية. وأبدى السواط أسفه أن المهندس البلدي كان يصمم ويفرض على المجتمع ما لا يتناسب مع طبيعته وفطرته ومكوناته النفسية والاجتماعية، موضحاً أن العمل البلدي المعاصر والمستقبلي يقوم على شراكة مجتمعية مع المثقف والمرأة وكبار السن والأطفال حتى لا يقضوا حياتهم في صناديق مغلقة. ولفت إلى اهتمام اليونسكو بالدمج بين الثقافة وبين الخطط التنموية، والتأكيد على احترام التنوع الثقافي وتمكين المثقفين من الإسهام في صناعة وإنتاج التنمية، مبدياً تفاؤله باعتماد الأنسنة في مبادرات البلديات ما يعزز الجماليات ويسهم في انحسار المساحات السوداء تدريجياً لصالح الرقعة الخضراء والنقوش والمجسمات.