اعتمدت رؤية المملكة 2030 على الإحصاء بشكل أساسي وعدد من الأهداف الاستراتيجية المحددة لكل وزارة ومؤشرات قياس الأداء، وحدد الوضع الحالي رقمياً لكل هدف، والرقم المستهدف لعام 2020 والهدف البعيد لعام 2030، ومعظم مؤشرات الأداء هي إحصائية، كمتوسط دخل الفرد أو نسب مئوية كنسبة الأمية أو أرقام كعدد سنوات الانتظار للحصول على سكن، وبالتالى فإن هذه الرؤية الطموحة اعتمدت على الرقم وكل ذلك لا بد أن يعتمد على أساس إحصائي وحسن إدارة للبيانات مع مستوى جودة عالٍ ودقة متناهية في جمع وربط ومعالجة البيانات للحصول على تقارير إحصائية دقيقة تخدم تحقيق الرؤية. ويتطلب تحقيق ذلك وجود مرصد للإحصاءات سواء على المستوى الوطني أو الجهات المستهدفة، وسياسة معلنة للبيانات مع ضرورة إعادة تأهيل بعض قواعد البيانات التي تعاني بعض الجهات من مشاكل عدة، وأحد أهم مشاكل قواعد البيانات هي عدم إشراك الإحصائيين في مرحلة مبكرة من التأسيس، وعدم تنظيف البيانات وتعدد قواعدها ومدخلي البيانات في الجهات الحكومية، لذلك أي خلل في مراحل إدارة البيانات سيولد تقارير إحصائية خاطئة وقرارات غير دقيقة. ووزارة التعليم هي من أهم الوزارات المستهدفة ضمن رؤية المملكة 2030، ولديها كوادر مؤهلة وخطة رائدة واعدة لتحقيق الرؤية، ورغم ما بذل ويبذل منها في مجال إحصائيات التعليم إلا أن الوضع يتم النظر فيه من قبل المسؤولين نظرة جادة للتطوير والتحسين بل يعد من أهم الخطط الإستراتيجية لدى الوزارة. وتعاني البيانات التعليمية من شح كبير وتعدد في المصادر وعدم وضوح في سياسة البيانات الخاصة في التعليم في بعض الجوانب الخاصة بالجمع والحفظ والبحث والنشر، مما يتطلب وضع سياسة واضحة ومعلنة ويتم إقرارها على المستوى الوطني، وتعتبر هذه الخطوة في إدارة وتحليل البيانات الوطنية التي تعاني من إهمال كبير في السابق. لأن الخطأ البسيط في أي إحصائية، خاصة بالتعليم، غير مقبول، فمثلا من غير المقبول الخطأ في نسبة التحاق الطلاب ممن هم في سن الدراسة النظامية بالصف الأول الابتدائي، وبالتالي وجود مرصد وطني لإحصاءات التعليم يعد خطوة أساسية لا بد من البدء بها فوراً، ويعتبر المركز الوطني لإحصاءات التعليم (NCES) في الولاياتالمتحدةالأمريكية من أهم وأقدم المراكز في العالم حيث أنشئ عام 1867، ويشرف ويباشر جمع وتحليل بيانات التعليم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويقوم بإعداد تقرير سنوي للكونغرس، ويعتبر المركز هو المصدر الأول والأساسي والمتكامل لبيانات التعليم ذات الجودة العالية، وتحدث هذه البيانات على مدار العام، ويعمل المركز على جمع وتحليل ونشر البيانات التي تصف وضع وتقدم التعليم في أمريكا، كما يعمل على تطوير وتوسيع الأدوات الإحصائية التي تحقق رسالة المركز. ويقدم المركز بيانات متعددة حول موضوعات التعليم المختلفة، كما يقدم NCES ابتكارات رائدة في العديد من المجالات الخاصة ببيانات التعليم، ويُجري المركز أبحاثًا مهمة، ويضم عددا من أدوات البيانات، وبالنظر إلى التجربة الطويلة الممتدة لقرن ونصف والكم الهائل من البيانات والمنشورات والمؤشرات والخدمات التي يقدمها المركز الأمريكي وما هو متاح حالياً في المملكة في مجال بيانات التعليم؛ لا شك أن الحاجة كبيرة في إنشاء مركز لإحصاءات التعليم ليكون نواته المركز القائم في وزارة التعليم، الذي شمله أخيرا التغيير والتطوير من قِبل وزير التعليم حمد آل الشيخ، ووضع التجربة الأمريكية نموذجاً لذلك مع العمل على الاستفادة من الخبرات الشابة التى تزخر بها المملكة في مجال الإحصاء وإدارة البيانات ونظم المعلومات، حيث أفرز برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث ومبتعثي الجامعات السعودية عددا كبيرا جداً من الكوادر الرائعة في هذا المجال وحققوا العديد من الإنجازات العالمية والمحلية، يستطيعون قيادة هذا المركز إلى ما يحقق الطموح ويرفع مستوى التعليم. * عميد الدراسات العليا - جامعة الطائف