دافع وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني عن منح السلطة التقديرية للقاضي، مشددا على أن هناك قضايا لا بد من منح القاضي سلطة تقديرية عند النظر فيها، لكنه ربطها بما وصفه ب«الاجتهاد المشروط» وفي محلها، وقال: «شرطها ألا يخرج بها عن المعتاد، وهي وسيلة لتحقيق العدالة، خصوصا في المسائل الجنائية». وأكد خلال محاضرة علمية بعنوان «القضاء في السعودية»، ضمن لقاءات المعهد العالي للقضاء في مبنى المؤتمرات بالمعهد، استقلال القضاء السعودي، مشددا على أن العديد من الأوامر الملكية أكدت ذلك، وأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز كثيرا ما يؤكد أنه ليس لأحد التدخل في القضاء. وأوضح أن الاستقلال ليس حقا للقاضي بل واجب عليه، وهذا الأمر نبه عليه الفقهاء، حيث أكدوا أن من أهم صور الاستقلال الكفاية العلمية للقاضي، وأن يحمي المنازعة من هوى نفسه، ولا يقبل التدخل في حكمه من أي أحد كان. وقال: «إن مبدأ الاستقلال المنصوص عليه في النظام الأساسي للحكم له أهمية بالغة لدرجة أنه لا يوصف العمل القضائي بأنه قضائي إلاّ إذا توفرت فيه 3 عناصر: وجود المنازعة، وإجراءات محددة وضمانات، ووجود هيئة مستقلة تفصل في المنازعة»، موضحاً أن فقدان عنصر من تلك العناصر يخرج العمل من دائرة العمل القضائي. وأكد وزير العدل الدور الأساسي للقضاء في تحقيق متطلبات المتعاملين في جميع المجالات الاقتصادية، من خلال إيجاد قضاء عادل وناجز وشفاف، وقال: «وهذا ما يدركه كل متعامل مع القضاء في السعودية، ومن ذلك ما حققه قضاء التنفيذ حتى في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة خارج السعودية». ولفت إلى أن التدريب ليس واجبا على القاضي فحسب، بل هو حق للمتقاضين عليه، أن ينال من يفصل في منازعاتهم القدر الكافي من التأهيل والتدريب، بحيث يضمن الوصول إلى حكم فاصل في المنازعة محققا للعدالة. وأشار الصمعاني إلى تفرد القضاء السعودي عن غيره، وأثبت فعاليته وسرعته ونفاذه، كونه يستمد سلطته من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وهما الحاكمان على النظام الأساسي للحكم وعلى جميع أنظمة الدولة، لافتاً إلى أن القضاء ليس مقصودا لذاته وإنما وسيلة لتحقيق العدالة. وثمن الدكتور الصمعاني الدعم الذي يلقاه المرفق العدلي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والمتابعة الحثيثة من ولي عهده الأمين، لاسيما في ما يتعلق بالتطوير والسرعة والجودة. وشدد على أن هذا الاهتمام يُلقي بمسؤولية كبيرة على القائمين على المرافق العدلية والقضاة على وجه الخصوص، وأيضا على المؤسسات العلمية الداعمة التي في طليعتها جامعة الإمام والمعهد العالي للقضاء. وأوضح أن التطور الهيكلي للقضاء بدأ من عهد المؤسس الملك عبدالعزيز إلى عام 1428ه حين صدر نظام القضاء الحالي، الذي تحول بموجبه القضاء إلى قضاء مؤسسي بدلا من ربطه بأشخاص القضاة، وهي من المسائل المهمة التي قصد بها تحقيق العدل بطريق الشرع بوسائله المتمثلة في الإجراءات النظامية لضمانة الاستقلال وفقا للاعتبار الشرعي وضمن الإطار المحدد للقضاء.