صناعة الإعلام تمر بمنعطف تاريخي في كل العالم ومن لا يدرك التحولات التي تمر بها هذه الصناعة بكل تفاصيلها وتداخلها مع كثير من العلوم والنظريات سيكتشف بعد فوات الأوان أنه لن يستطيع اللحاق بالركب ولا حتى التحرك للأمام.. والإعلام السعودي رغم كل ما يقال عنه وله ليس ضعيفاً خصوصاً في المنطقة العربية، بل أعده رائداً على مستوى المنطقة والإقليم، ولكنه بالتأكيد ليس قوياً بما فيه الكفاية ليتوافق مع حجم الإمكانات والموارد البشرية والفنية والمالية التي يملكها ليكون مؤثراً على مستوى العالم.. ولولا الظهور المتكرر لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في القنوات الإعلامية العالمية والتغييرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي سنتها الرؤية المباركة للمملكة 2030 لكان الوضع أصعب مما هو عليه الآن.. متفائل كثيراً بالتنظيم والجهود التي تبذل من وزارة الإعلام ومن الوزير شخصياً وفريقه وزملائه.. ومن ثمرات هذه الجهود إعلان إقامة منتدى سعودي للإعلام ووضع الرياض في مكانتها الحقيقية كأكبر مؤثر في صناعة الإعلام طوال العقود الماضية ولها تجربتها الرائدة في ذلك التي جعلتها القطب المؤثر والجاذب لكل صناعة الإعلام داخل وخارج السعودية. صحيح أن إقامة منتدى للإعلام في السعودية تأخر كثيراً ولكنه وصل أخيراً وأتوقع أن يؤسس ليكون مركز أفكار think tanks لصناعة الإعلام في المستقبل القريب ومن خلال الحضور العالمي ونقل التجارب الجديرة بالاتباع واستعراض الفرص والتحديات المستقبلية والتنبؤ بها والتعامل معها مبكراً، والتنبؤ يعد أحد أهم المبادئ التي ينبغي على صناعة الإعلام تفعيلها في هذه الحال، تحديات وتحولات عالمية وتكنولوجية أثرت على أدواتها وأسواقها واستثماراتها وعلى ذائقة المستهلك والمستقبل لهذه الصناعة، وما لم نتنبأ بما سيكون عليه مصير مؤسساتنا الإعلامية والعاملين في هذه الصناعة فإننا سنواجه المصير نفسه الذي واجهته شركات كبرى كانت ملء السمع والبصر ثم أصبحت كأنها لم تكن لأنها لم تتنبأ بالتغيرات والتحولات التي أحدثتها التكنولوجيا ومصانع الأفكار والنظريات لكثير من العلوم المتداخلة، وأفضل مثال هو شركة «كوداك» الأمريكية التي تسيطر على إنتاج الأفلام الفوتوغرافية وأدوات التصوير ل 130 عاماً في العالم ولم تتنبأ وتستثمر في التحولات الرقمية في التصوير التي أحدثتها الثورة الرقمية للجوالات والتصوير الرقمي فأصبحت شركة مفلسة اختفت من العالم عام 2012. * كاتب سعودي dr_maas1010@