«وظلم ذوي القربى أشدُّ مضاضة».. وسط العائلات والأقارب، فالدماء المعصومة التي تسفك في البيت الواحد لا تجف، والأيدي التي تحفظ وتصون هي ذات الأيدي التي تطعن وتذبح دون رحمة، فكيف لأب أن ينحر ابنته ذات ال15 عاماً، ويسدد إلى جسدها 4 طعنات قبل أن يستيقظ على وقع جريمته ويهرول حاملاً طفلته بين يديه أملاً في إنقاذها. ويتكرر المشهد في موقع آخر، حين هبت الأجهزة الأمنية بالعاصمة المقدسة إلى حي غرز فيه رجل 20 طعنة في جسد ابنته الشابة (23 عاما)، وُصِفت جراحها ب«فوق المتوسطة»، فيما وصفت حالة الأب الطاعن ب«المعتل» ليقتاد إلى ىشرطة المنصور. وفي جدة، سلم رجل نفسه لىشرطة المنتزهات طواعية معترفاً بقتل زوجته وولده (6 سنوات) وابنته (4 سنوات)، مبررا فعلته بإصابته بمرض الإيدز، وأنه فعل ذلك ليريحهم من المعاناة بعد رحيله. وتصف الأخصائية الاجتماعية نورهان البلوي جرائم ذوي القربي بأنها نتاج خلل أسري يجب التصدي لمعالجته عبر الدراسات، وإن كانت الحالات لم تصل بعد إلى حد الظاهرة، لكن الأمر مرتبط بوحشية يجب التصدي لها بقوة، ودراسة أسبابها، واحتضان الناجين، وتقديم جرعات الحنان لهم حتى لا يحدث شرخ لديهم قد تظهر نتائجه سالبة في المستقبل، إلى جانب الاستعانة بالأطباء النفسيين لنزع تداعيات الجريمة من وجدانهم. وتعزو الأخصائية نورهان البلوي دوافع جرائم ذوي القربى إلى الشك المرضي، والغيرة الجنونية، وتعاطي المخدرات ما يصيب المتعاطي ب«هلاوس وضلالات وشكوك»، أو لأسباب مرضية، واضطرابات نفسية، ومشكلات عائلية تركت بلا حل فتراكمت في نفس الجاني وشكلت دافعا لإنهاء تلك المشكلات بإزهاق روح. كما تقع بعض الجرائم بسبب اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع، والاكتئاب، واللوثة العقلية. وللحد من هذه الجرائم توصي البلوي بالتوعية المدروسة بالأعراض المختلفة لتعاطي المخدرات أو الأمراض النفسية، وتنشيط مراكز الأحياء لتقديم المشورة، وتوعية الطلاب والطالبات، وزرع ثقافة أخذ التهديدات اللفظية محمل الجد، ووضع الاحترازات المناسبة لحل المشكلات. وشددت على ضرورة إزالة الوصمة المجتمعية عن الأمراض النفسية، ووضع آليات مناسبة لإزالة حساسية المجتمع تجاه المرضى نفسياً، وإنشاء مراكز علاجية مجانية في المراكز الصحية لتقديم الاستشارات الزوجية.