في فيلم الجوكر الذي يعرض هذه الأيام في دور السينما يقول آرثر فليك «المهرج»: (اعتدت أن أعتقد أن حياتي كانت مأساة، لكنني أدرك الآن أنها كوميديا). وقفت طويلا أمام هذه الجملة التي يقولها المهرج بعد أن تحول إلى قاتل! سأستعرض مقولة لميل بروكس لكي نفهم جملة المهرج/ القاتل، يقول: (المأساة هي عندما قطعت إصبعي، الكوميديا هي عندما تقع أنت في البالوعة وتغرق في مياه الصرف الصحي فتموت). المقولة تكشف الفرق الدقيق بين الموقفين؛ أحدهما حين أتعرض أنا للألم فهنا تكمن المأساة، أما الكوميديا فهي المآسي التي تحدث للآخرين. أعتقد أن هذا تفسير جملة آرثر فليك، فالفيلم يتحدث عن الانهيار العقلي للمهرج الذي يصبح قاتلا شريرا، حين كان الأذى والتنمر يقع عليه كانت حياته مأساة، أما حين تحول إلى قاتل وصار يشاهد الذعر في عيون ضحاياه أصبحت حياته كوميديا. ليس هذا العمل الفني الوحيد الذي يتناول حياة الفنان الكوميدي، فقبل عامين على سبيل المثال عرض مسلسل اسمه «أموت هنا» يلقي المسلسل نظرة على الجانب المظلم من الكوميديا وتدور أحداثه في سبعينيات القرن الماضي. بدأ المسلسل حلقاته الأولى بحادثة انتحار مأساوية. العجيب أن المنتج المنفذ لهذا المسلسل النجم الكوميدي العالمي جيم كاري. المسلسل يكشف ما يحدث وراء الكواليس في الأعمال الكوميدية، وهو يبدد أيضا الأسطورة القائلة بأن الفنانين الكوميديين شخصيات مبتهجة وسعيدة، بينما في الواقع كثير منهم يعاني من أمراض نفسية وعقلية قد تدفعهم للانتحار، على سبيل المثال، روبن ويليامز وسارة سيلفرمان وستيفن فراي وسبايك جونز وودي ألين وريتشارد بريور وإلين دي جينيرز الذين ظهروا للإعلام واعترفوا بصراعاتهم المتعلقة بالصحة العقلية والنفسية. أما على الصعيد العربي فأتفاجأ باستمرار من حجم الحزن الذي تعيشه الكوميديانة السورية شكران مرتجى. فمرة تشتكي من أن المخرجين لم يعطوها أي دور رومانسي خلال مسيرتها الفنية لأنهم يعتبرون شكلها كوميديا وليست جميلة، ثم في لقاء آخر تسألها المذيعة: هل تمنيتِ الموت يوما؟ فيجيء الجواب الصاعق: دائما أتمنى الموت. تسألها: وهل خطرت ببالك فكرة الانتحار. فتجيب نعم خطرت في لحظة يأس. إذا كانت حياة بعض الفنانين الرجال الكوميديين حياة بائسة فأنا أؤمن أن حياة النساء الكوميدينيات أشد سوءا، طبعا ليس جميعهم ينطبق عليهم هذا المقال.