تجددت الانتفاضة اللبنانية التي وحدت صفوفها في وجه أحزابها ومذاهبها لليوم الثالث على التوالي أمس (السبت)، بالرغم من محاولة «شيطنة» هذا الحراك الشعبي، إذ تغلغلت فرق مسلحة بين صفوف المتظاهرين وعمدت إلى إحراق وتكسير الأملاك العامة والخاصة في عدد من المناطق والمدن، ما كبد المؤسسات والبلديات خسائر مادية جسيمة تقدر بملايين الدولارات. وكشف مراقبون ل«عكاظ» أن محاولة السلطة شيطنة المظاهرات هو السبيل الوحيد أمامها لقمع المحتجين قبل أن تخرج الانتفاضة عن سيطرة الأحزاب، خصوصا أن المحتجين تمكنوا من توحيد كلمتهم وصفوفهم ورفضوا الخضوع لخطابات زعمائهم. ولعل المفاجئ في هذا الحراك هو رص الصف الشيعي الذي تماسك بدوره مع استمرار الاحتجاجات بوجه الثنائية الشيعية «حركة أمل وحزب الله»، ما دفع بالحزبين إلى إرسال قوات مسلحة بشكل علني لقمع المتظاهرين من طائفتهم، إلا أن الأصوات الشعبية أكدت أمس أنها لن تتراجع بعدما دفعت بسبب انتمائها الطائفي ثمناً باهظاً على مختلف المستويات. ونفى المتظاهرون الشيعة أنهم سبب أعمال الشغب التي حصلت الليلة قبل الماضية، مؤكدين أنها أذرع «حزب الله وحركة أمل» لتشويه صورتهم السلمية وتضليل مطالبهم بحياة كريمة. وكان لافتاً نزول مظاهرة مضادة أمس بوجه السلميين في مدينة صور، وتبين أنها مؤيدة لرئيس البرلمان نبيه بري، وقد سجلت اعتداءات على المتظاهرين بسبب استخدام السلاح والعصي من قبل متظاهري بري. وفي رسالة حاسمة، رد المتظاهرون على خطاب نصرالله أمس ، بدعوتهم إلى مظاهرة مليونية اليوم (الأحد) لتكون رسالة واضحة بوجه السلطة مجتمعة بأنه لا رجعة قبل محاسبة المسؤولين وإسقاط العهد. وتعالت أصوات المحتجين في وسط بيروت، مطالبين برحيل الطبقة السياسية الفاسدة، ومنهم نصرالله. وصدحوا قائلين: «كلن كلن كلن» -في إشارة إلى ضرورة رحيل كافة الزعماء-. وكان نصر الله اتهم المتظاهرين بأنهم ينفذون أجندة سياسية لإسقاط العهد، متعهدا بأن العهد لن يسقط، وحذر من أنه إذا نزل «حزب الله» إلى الشارع لن يعود أدراجه قبل أن يقلب الموازين، وحمل الحكومة التي يشارك فيها ب3 وزراء مسؤولية الأزمة، إلا أنه تمسك بعدم سقوطها، في تناقض واضح. من جهته، اعتبر الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل أن التظاهرات الكبيرة إجابة واضحة على خطاب نصر الله، مؤكدا في تصريحات أمس، أن الشعب يرفض ممارسات «حزب الله» ويريد السيادة والاستقلال. وقال إن المطالب الأساسية تتمثل في استقالة الحكومة وتشكيل أخرى جديدة تكافح الفساد. فيما رأى وزير الاتصالات السابق بطرس حرب، أن الحريري لن يخشى تهديدات حزب الله وسيتقدم باستقالته، متهما نصر الله بقمع رأي الناس بالتهديد بمحاكمة من يستقيل من الحكومة. وأكد أن التظاهرات تدل على حالة اليأس لدى اللبنانيين من قدرة المسؤولين على حل مشاكلهم.