حلت أمس (الأربعاء) الذكرى الأولى لمقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في عملية مارقة ارتكبها موظفون حكوميون خارج نطاق سلطتهم، مخالفين بشكل صارخ القوانين والأعراف والتقاليد السعودية، ما دفع القيادة السعودية لاتخاذ جميع الإجراءات القانونية من القبض على المتهمين والتحقيق معهم ومن ثم عرضهم للقضاء. ولم تقف القيادة السعودية عند حد المحاسبة القانونية للمتهمين بارتكاب الجريمة التي أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أنها لا تمثل مبادئ المملكة وقيمها، واعتبرها أيضاً ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «جريمة بشعة آلمت جميع السعوديين»، وجرى إعفاء عدد من المسؤولين الذين وردت أسماؤهم أثناء التحقيقات في القضية من مناصبهم، بل ذهبت القيادة السعودية إلى إعادة هيكلة قطاعات الأمن الوطني عبر لجنة وزارية برئاسة ولي العهد لتحديث نظامها ولوائحها وتحديد صلاحياتها بشكل دقيق. وما إن ظهرت حقيقة الجريمة، حتى حققت النيابة العامة في المملكة مع 18 شخصاً، وقادت التحقيقات السعودية إلى تقديم 11 متهماً إلى المحاكمة، مع مطالبة النائب العام بقتل من أمر وباشر جريمة القتل منهم وعددهم 5 أشخاص. 8 جلسات علمت «عكاظ» من مصادر موثوقة أن القضاء السعودي عقد حتى الآن 8 جلسات للنظر في القضية، حضرها ممثل لعائلة خاشقجي، وممثلون من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وممثل عن تركيا، وهيئة حقوق الإنسان السعودية، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، ما يؤكد أن ليس لدى المملكة ما تخفيه حيال القضية التي أدانها السعوديون من أعلى الهرم. وأشارت المصادر إلى أن المملكة زودت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليت، بتقرير مفصل عن القضية، مؤكدة أن المملكة ستنشر أكبر قدر ممكن من المعلومات حول القضية دون المساس بالقوانين السعودية والإجراءات ذات الصلة. وأكدت المصادر أن النيابة -التي أثبتت شفافية عالية في التعامل مع القضية عبر إصدار البيانات وإعلان آخر المستجدات حول القضية- لا تزال مستمرة في استجواب المهمين وتسجيل كافة أقوالهم وتواصل البحث عن أي أدلة وقرائن، وتزويد المحكمة بما يستجد. ثقة العائلة بالقضاء مطلقة وأمام تأكيدات خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد، بأن المتورطين سينالون جزاءهم الرادع، وأنه لا أحد فوق القانون، ترفض عائلة جمال خاشقجي تسييس قضية والدهم واستغلال «أعداء الوطن في الشرق والغرب» القضية للنيل من المملكة وقيادتها. وقال صلاح، نجل جمال خاشقجي، إن ثقته بقضاء المملكة «مطلقة» في تحقيق العدالة كاملة بمرتكبي الجريمة النكراء. وسبق أن أصدرت أسرة خاشقجي عدة بيانات وتصريحات صحافية تندد بمحاولة تسيس قضية والدها وإخراجها من الدائرة الجنائية، معتبرين أنها محاولة يائسة من جهات مغرضة تحاول الإساءة لبلادهم وقيادتهم. تسييس ومماطلة منذ بداية قضية خاشقجي، حاولت جهات دولية معادية للمملكة تسييس القضية، في محاولة حثيثة للإساءة إلى السعودية وقيمها وقادتها، بيد أن «فجر الحقيقة» والتدابير الجادة التي اتخذتها الحكومة السعودية، أسقطت تلك المحاولات كغيرها. وبدت محاولات التسييس واضحة عبر التصريحات الرسمية وبيانات المنظمات الدولية المسيسة. وأسقطت مساعي السعودية لتحقيق العدالة في القضية مسيسي القضية، بعد أن طلبت من السلطات التركية تقديم المعلومات التي بحوزتها عن القضية، بيد أن تجاهلها طلبات النيابة السعودية خلال الأشهر ال10 الماضية أكد عدم اكتراث الحكومة التركية بتحقيق العدالة. ولاقى طلب النيابة العامة السعودية من المدعي العام التركي تزويدها بالأدلة التجاهل التام، حتى بعد أن كشفت التحقيقات في المملكة تورط متعاون تركي في إخفاء جثة خاشقجي، بيد أن مراقبين لأداء السلطات التحقيقية في السعودية، يرون قدرة السعوديين على كشف الحقيقة حتى مع المماطلة التركية. وغذت المصادر الرسمية التركية -في إطار هجوم مسعور على المملكة وقيادتها- وسائل إعلام إقليمية ودولية بكم هائل من التقارير الكاذبة، ما أوقع منصات إعلامية في موقف محرج بعد أن تبين عدم صحتها، كما ذهب تسييس القضية إلى إصدار المقررة الخاصة المعنية بالإعدام خارج نطاق القضاء في مجلس حقوق الإنسان، أغنيس كالامار (المعروفة بمواقفها العدائية من السعوديين)، استنتاجات غير محايدة ولا موضوعية استندت على معلومات مضللة وكاذبة في أغلبها وأحكام مسبقة تجاه المملكة، رغم أن التقرير لم يكن تكليفا من المنظمة الأممية ويفتقر إلى أساسيات تحري المصداقية والموضوعية ومنعدم الحياد، إلا أنه يظهر حجم التسييس الذي لاحق قضية مقتل مواطن سعودي على يد موظفين تجاوزوا صلاحياتهم في أراض سعودية. إصلاح وعدالة قطعت المملكة شوطاً مهماً وقياسياً في سبيل إظهار الحقيقة ومحاسبة المتورطين عبر التحقيقات الشفافة، وإعادة هيكلة شاملة لأداء أجهزتها الاستخباراتية، ما يؤكد أن المملكة ماضية في إصلاح منظومتها الحكومية لتحقيق العدالة، رغم أن قضية كقضية خاشقجي تستغرق مزيداً من الوقت لتعدد أطرافها ولدرجات التقاضي قبل صدور الأحكام النهائية.