على الرغم من الخطوات الجادة والحاسمة والشفافة التي بادرت بها السعودية في قضية مقتل مواطنها الصحفي جمال خاشقجي، إلا أنه بعد مرور عام على الجرم البشع، ومواصلة سير العدالة القضائية فيها، بات واضحا ظهور إفرازات خبيثة تعمل عليها دول إقليمية معادية للسعودية، وتجند لها بعض الهيئات والمنظمات التي تصنف نفسها بأنها حقوقية، لاستغلال القضية، بغرض استهداف السعودية دولة وقيادة، مرددين مزاعم لا أساس لها من الصحة، بل تعدوا إلى التشكيك في نزاهة وعدالة واستقلالية القضاء السعودي، الذي لم يجامل أحدا في يوم ما، ووضع على أساس قيم دينية تحفظ الحقوق وتراعي الحرمات التي من أبرزها حرمة قتل النفس. ولا يخفى على أحد التأكيد أكثر من مرة على أن الجريمة البشعة التي راح ضحيتها خاشقجي، لم تستهدفه فقط، بل تعد مأساة كبيرة للسعودية لأن من ارتكبوها هم من اؤتمنوا فخانوا الأمانة واستغلوا السلطة والصلاحيات التي في أيديهم لارتكاب جريمة لا يقرها دين ولا أخلاق ولا أعراف سعودية أصيلة. ولعله من الواضح ما أكده ولي العهد أخيرا في حديثه لقناة CBS الأمريكية من أن السعودية تلك الدولة القوية بإرثها التاريخي وعمقها وأصالتها وأنظمتها وشعبها، لا يهددها أي صحفي، بل ما يهدد السعودية هي تلك الجريمة وتلك التصرفات ضد صحفي سعودي. ولا يجرؤ أحد ممن يقبل العقل والمنطق، أن يشكك في الخطوات السريعة التي اتخذتها السعودية بحق كل من اتهم في القضية، ليحال الملف إلى القضاء ليقول كلمته ويحق الحق، بل لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ كان هناك تعديل مسار حتى لا تتكرر مثل هذه الجريمة، فتمت إعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة، فضلاً عن إعفاء عدد من المسؤولين من مناصبهم، ليتسنى للنيابة العامة التحقيق معهم وتسجيل أقوالهم، لتبدأ المحاكمات بحضور عائلة خاشقجي وممثلين من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وممثل لتركيا إضافة إلى حضور ممثلي المنظمات الحقوقية السعودية. ولأنه من الواضح للجميع سعي بعض الدول والأطراف الإقليمية المعادية اللعب بقضية مقتل مواطن سعودي، كورقة سياسية للضغط على المملكة، فإن الرد الأمثل لهؤلاء هو أن القضاء السعودي مستقل، وليس لأحد التدخل في أعماله وأحكامه، والنيابة العامة ملتزمة بالشفافية الكاملة في بياناتها حول قضية مقتل المواطن جمال خاشقجي.