«نزيف الاقتصاد مستمر منذ منتصف يونيو عام 2017، لكن الاقتصاد ليس هو الوحيد في النزيف؛ الكل ينزف بعد أن استعر جنون نظام الحمدين بعد مقاطعته من الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، «لم نعد عرباً بين العرب، ولم نعد قطريين في قطر»! بهذه الجملة فسر مواطن قطري يدرس في الولاياتالمتحدة كيف آلت الأمور في بلاده خلال العامين الماضيين، لابن عمه، الذي انتزع حمد بن خليفة عقب وصوله إلى السلطة بانقلاب غادر، الجنسية من عائلته و6 آلاف فرد من قبيلته، والتي لم ينج من التشرد سوى القليل! يخيم الخوف على الدوحة منذ صيف 1995، بيد أن الخوف استشرى في أرجاء الإمارة الصغيرة، حتى وصل البيوت، فمن يهمس معترضاً على ما تجنيه سياسة نظام «الحمدين» فالسجن قد يكون أيسر الاحتمالات التي تصل إلى مراحل مخيفة بحسب شهادات قطريين عن انتهاكات تعرضوا لها من قبل السلطات. وأمام النزيف الاجتماعي الذي سببه النظام القطري نظير استعانته بمرتزقة من جنسيات مختلفة، وتهميش مواطني البلاد الأصليين، ووضعهم داخل رحى التدقيق واختبار الولاء الدائم، تشهد المنظومة الاقتصادية انهيارات كبيرة منذ منتصف 2017. ويبدو أن إعلان الخطوط القطرية تكبدها خسائر صافية بلغت 2.3 مليار ريال قطري في السنة المالية التي انتهت في مارس الماضي، لن يكون الأخير، إذ ابتلع بنك قطر الأول العلقم بتخفيض رأس ماله المدفوع بنسبة 65%، لإطفاء خسائر متراكمة وصلت إلى حاجز ال1.3 مليار ريال بنهاية النصف الأول من العام الجاري، التي اعتبرها الرئيس التنفيذي للبنك خسائر عالية تجاوزت ال50%، بحسب قناة CNBC الاقتصادية. ورغم كل الخسائر المتتالية، إلا أن النظام القطري ظل حبيس حالة الإنكار التي لم يخرج منها منذ مقاطعة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، فماكينته الدعائية لا تكف عن الكذب وتسويق الخسائر بأنها «خطط إستراتيجية لتعظيم المكاسب»، حتى أن الخطوط القطرية احتاجت عامين ماليين لإقرار بعمق خسائرها وضخامتها، إذ حاولت بعد مقاطعة الدول الأربع لنظام «الحمدين» التقليل من أثرها عليها، إلا أنها أقرت أخيراً «إغلاق أسواق رئيسية في وجهها» وفقاً وكالة «سبوتنيك» الروسية. ولم تتوقف في قطر، الإمارة المسكونة بملاحقة مواطنيها الغاضبين وتكثيف الدعاية المضللة لهم، حالة الغليان المتسارعة في صفوف العمال الوافدين، فسرعان ما تخرج على السطح، رغم التكتم الإعلامي الكبير الذي تفرضه السلطات على مواقع العمل، والتي تصفها منظمة «هيومن رايتس ووتش» ب«الخطرة»، كما أنها تصف حال العمال الغاضبين بأنهم عرضة ل«للأذى والاستغلال». وقالت «منظمة العفو الدولية»، الخميس الماضي، إن قطر لم تف بوعودها لتحسين ظروف العمال الأجانب الذين يعملون في البلاد التي تستعد لاستضافة مونديال 2022، بينما خرجت منظمات حقوقية بقناعة مفادها أن الدوحة تستخدم وعودها ك«مساحيق تجميل لوجهها، الملطخ بالانتهاكات، أمام المجتمع الدولي ولا تلتزم بها إطلاقاً»، فلا ثمة مكان للصدق بين التعامل مع الحكومة القطرية، ولعل جيرانها الخليجيين أكثر معرفة بمستوى المصداقية في وعود المسؤولين القطريين، فللخليجيين خبرة تجاوزت العقدين في تحمّل أكاذيب الدوحة ومراوغتها المفضوحة.