ماذا، لو نادى المستأجرون بإحدى العمائر السكنية والتجارية الكائنة بناصية الشارع بتمليك أبنائهم شققاً فيها بحجة أنهم من (مواليد العمارة)، وأنهم خلقوا وترعرعوا بين جدرانها حتى اكتسبوا عاداتها وتشبعوا ثقافتها، إنهم ملاك بدون صكوك ملكية، ملاك بحبهم لهذه العمارة التي لا يعرفون عمارة غيرها، إنهم يحملون هوية الانتماء إليها، وبعضهم يشكل الجيل الثالث لأسر قدمت من القرى والهجر منذ عقود بحثاً عن لقمة العيش حتى استقروا فيها، فهل من العدل أن يعاملوا كالمستأجرين الجدد، أم أن المبادئ الإنسانية تحتم على الأقل منحهم حق (الإقامة الدائمة) ومعاملتهم معاملة أبناء وورثة صاحب العمارة ؟ لا شك أن مطالبة (مواليد العمارة) بحصتهم أو معاملتهم بالمثل كالملاك، ستواجه سيلاً من الرفض والسخرية الاجتماعية لعدم وجاهتها، وأول من سيتصدى لها أولئك المثقفون والأكاديميون الذين صموا آذاننا بمطالباتهم الدخيلة الداعية لتجنيس (مواليد المملكة) ! لا أعرف حقيقة ما يطالب به ذلك الكاتب الاقتصادي بكل عاطفية وبعيداً عن لغة الأرقام والمنطق بمنح الإقامة الدائمة لكافة (مواليد السعودية من الآباء الوافدين) والذين بلغ تعدادهم في آخر إحصائية مليوني نسمة، بل إن مزاجه العالي في تلك الأثناء وصل به للمطالبة باستثنائهم من شروط (الإقامة المميزة)، إنني أكاد أجزم بأنه لو تروى سيتصل بي أو بالكاتب القدير هاني الظاهري ليطلب منا إخلاء بيوتنا فوراً من أجل إيواء بعض من أبناء المقيمين الذين ولدوا وترعرعوا في كنف هذه البلاد الأمينة، فهم أحق بالسكن، الرعاية، العمل، وهم أحق بلم شمل الأسرة ليبقوا جنباً إلى جنب مع والديهم وذويهم ! أنصار مثل هذه الدعوات الغريبة من المتزلفين، لو زارهم أولاد الجيران أو الحارة لساعة زمن لتضجروا وشعروا بتكدس وضيق منزلهم، ولهبوا فيهم على الفور قائلين (كفاية يا ولدي أنت وياه.. أنتم ما عندكم بيوت تلمكم)، لهذا يجب الإسراع في عرض وإقرار مشروع تحديد مدة الإقامة للوافدين بحيث لا تتجاوز 6 سنوات كحد أقصى، ومنع الاستثناء كي لا يستغل التمديد، فبلادنا كأي بلد في الدنيا تطمح لتقليص نسب البطالة المرتفعة، وتوفير الإسكان لمواطنيها، وتحسين فرص العيش الكريمة، ولن يتأتى ذلك في ظل مزاحمة الوافدين لأبناء البلد بوجوه قوية ليس فقط بالوظائف والمناصب القيادية بل حتى في الجنسية التي تخضع لعدالة القرارات السيادية ! إن حصول (مواليد المملكة) على الجنسية أو الإقامة الدائمة، سوف يشكل سابقة قانونية تحفزني للانضمام إلى جمعية المستأجرين والمطالبة بضم أولادي بصك الملكية باعتبارهم من (مواليد العمارة)، خاصة مع تطابق كافة الأسباب والحيثيات، فهم لم يغادروا العمارة إلا في رحلات محدودة، ويحفظون الولاء لترابها وسورها، وكانوا يدخرون مصروفهم لينفقوه داخلياً في إيجار وصيانة الشقة !