جاء الاتفاق الذي وقعه المجلس العسكري الانتقالي مع قوى التغيير والحرية على الوثيقة الدستورية مجسدا رغبة مشتركة من المجلس وقوى التغيير؛ لبناء سودان جديد عربي أصيل، قراره بيده، بعيدا عن التدخلات الخارجية، التي سعت في الماضي لتدميره واختطافه لتنفيذ أجندات ضد عربية السودان. ويمهد الاتفاق لبدء مرحلة انتقالية تؤدي إلى حكم مدني، عبر انتخابات حرة احتكاما للشعب السوداني، وبعيدا عن الإقصاء، محققة لخيارات وتطلعات الشعب السودانى بكافة أطيافه. وسعت المملكة منذ بدء الحراك السوداني إلى دعم تطلعات الشعب السوداني الشقيق، وحفظ أمنه، وباركت الاتفاق التاريخي الذي توصلت إليه كافة الأطراف السودانية والهادف إلى تحقيق مصلحة السودان، والحفاظ على أمنه وسلامته واستقراره. وتجسد ذلك جليا من خلال سلسلة الاتصالات الهاتفية التي أجراها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، برئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي؛ تقديرا للجهود التي بُذلت في تحقيق الاتفاق التاريخي بين كافة الأطراف السودانية، ومع رئيس المجلس السيادي في السودان الفريق أول عبدالفتاح البرهان، والقيادي بقوى الحرية والتغيير السودانية أحمد ربيع، ثمن ولي العهد الاتفاق التاريخي الذي توصلت إليه كافة الأطراف السودانية؛ للتأكيد على وقوف المملكة إلى جانب السودان وشعبه بما يعزز الأمن والاستقرار، خصوصا أن المملكة تعتبر استقرار السودان جزءا مهما من استقرار المنطقة. ولم تكتف المملكة بالدعم المعنوي للشعب السوداني، بل أردفت القول بالفعل من خلال الدعم المالي المشترك الذي قدمته المملكة والإمارات للسودان بنحو ثلاثة مليارات دولار، منها 500 مليون دولار كوديعة في البنك المركزي السوداني. ودعت المملكة الدول العربية لدعم السودان في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها، وتأمين الدعم الاقتصادي الذي يؤمن الاحتياجات الضرورية للشعب السوداني، بما يُمهد لبناء دولة مدنية، ويقطع الطريق أمام دُعاة الفتنة والانقسام والتخريب، الذين يتربصون للنيل من الدول العربية لإدامة الفوضى وتقسيمها وتفتيت مجتمعاتها. وعندما شاركت المملكة في احتفالية التوقيع بوفد عالي المستوى، يرأسه وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء فإن هذا التمثيل عكس حرص المملكة على دعم السودان الجديد، وأن يعم الأمن والاستقرار به، وأن يتجاوز بهمة أبنائه وعزم قيادته كل الظروف، والمساهمة في تحقيق تطلعات الشعب السوداني، والدفع باتجاه إنجاح مبادرة الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا، وحفظ أمن السودان وسلامة أراضيه، واستعادة مكانته الطبيعية التي يستحقها في المحيط العربي. ونحن على يقين بقدرة السودانيين بمختلف انتماءاتهم على اجتياز هذا المنعطف وصولاً إلى تحقيق المستقبل الزاهر الذي يتطلعون إليه؛ لأن المملكة كانت ولاتزال حريصة على المحافظة على استقرار وأمن السودان وحمايته من كل أشكال التدخل الخارجي التي كانت ستؤدي إلى فوضى عارمة داخل السودان. والمطلوب من جميع الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي الوقوف إلى جانب السودان وهو يفتح صفحة جديدة في تاريخه بعزم وتصميم أبنائه، بعيدا عن الإرهاب والتطرف. فهل يشكل الاتفاق التاريخي بداية للحل وخطوة نحو الحكم المدني بعد ثلاثة عقود من الحكم العسكري؟. الجواب.. حتما نعم لأن هناك توافقا سودانيا نهائيا على أن يكون هناك سودان جديد بعيدا عن التدخلات الخارجية. إنها سلة غداء العرب، نقية، مدنية، بعيدة عن التدخلات الخارجية، فشعب السودان في قلب المملكة.