رحل صباح أمس (الخميس) الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي عن 92 عاماً، أحد مخضرمي السياسة في تونس، بعد مسيرة حافلة تولى خلالها مناصب عديدة منذ استقلال تونس في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، مروراً بنظام زين العابدين بن علي، إلى أن وصل إلى سدة الرئاسة بعد مرحلة مفصلية في تاريخ تونس إثر اندلاع أحداث الربيع وصعود الأحزاب الإسلاموية. وأعلنت الرئاسة التونسية أمس، وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي بعد ساعات على إدخاله الى وحدة العناية الفائقة في المستشفى، فيما قالت مصادر رئاسية أن جثمانه سيشيع السبت. وقالت الرئاسة على صفحتها على فيسبوك «وافت المنية صباح أمس رئيس الجمهورية محمد الباجي قايد السبسي بالمستشفى العسكري بتونس»، داعية أبناء بلادها إلى التكاتف والالتفاف حول المؤسسات الدستورية، صوناً لمستقبل تونس، وأوقف التلفزيون التونسي برامجه وبدأ بث آيات قرآنية. والسبسي المخضرم في السياسة هو ثاني أكبر رئيس دولة سناً في العالم بعد ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية. وقد بدت عليه علامات الضعف في شريط فيديو بثته الرئاسة (الإثنين) في مناسبة لقاء مع وزير الدفاع. وكان حافظ نجل قائد السبسي قال في وقت سابق (الخميس) إن الرئيس في العناية الفائقة في المستشفى العسكري (في العاصمة) والأمور ليست على ما يرام. وكان الرئيس التونسي أدخل المستشفى لأيام عدة في نهاية يونيو إثر إصابته «بوعكة صحية حادة»، ويأتي ذلك فيما تحتفل تونس بذكرى إعلان الجمهورية عام 1957 الذي يلقي خلاله رئيس الدولة عادة خطاباً. وسيتولى رئيس مجلس نواب الشعب التونسي محمد الناصر مهمات رئيس الجمهوريّة لمدّة تراوح بين 45 و90 يوماً بحسب الدستور التونسي الذي يؤكد أنه في حالة الوفاة أو الاستقالة للرئيس تجتمع المحكمة الدستورية فوراًَ وتقرّ الشغور النهائي، وتبلّغ ذلك إلى رئيس مجلس نواب الشعب الذي يتولى فوراً مهمات رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل أدناه 45 يوماً وأقصاه 90 يوماً، إذ أدى الناصر أمس، اليمين الدستورية ليتولى رسميًا منصب رئيس مؤقت للجمهورية التونسية، إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية، فيما دعا رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، عقب لقائه مع الناصر، الشعب التونسي إلى الوحدة في خدمة المصلحة العليا للوطن، والالتزام بأحكام الدستور والالتفاف حول المؤسسات الدستورية. وفي بداية يوليو، أطلقت مجموعة من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من السياسيين في تونس حملة للمطالبة بالشفافية في التعاطي مع حالة الرئيس الصحية. وقرر ممثلون عن المجتمع المدني إلغاء مؤتمرهم الصحفي إثر وفاة الرئيس ودعوا كل الطبقات السياسية إلى تحمل مسؤولياتها في هذه الفترة التي تمر بها البلاد. في نهاية المطاف، رحل السبسي الرئيس المستنير، وانطوت صفحة مهمة في تاريخ تونس، وسيشهد له التاريخ أنه كان رئيساً لكل التونسيين وعمل من أجل وحدة بلاده واستقرارها، فحين تولى رئاسة بلاده ظن البعض بأنه سيعيد مرحلة بن علي، لكنه توجه نحو المصالحة الوطنية، في مرحلة يشهد لها الأعداء قبل الأصدقاء بأنها من المراحل الأكثر تسامحاً في تاريخ تونس. وتواصل تونس، مهد الربيع العربي طريقها في الانتقال الديموقراطي منذ 2011 بالرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة.